الجهة السادسة
  على حقيقته، بل معناه أرصدوهم كل مرصد، ويصح: أرصدوهم كل مرصد، فكذا يصح: قعدت كل مرصد، قال: ويجوز: قعدتُ مجلس زيد، كما يجوز: قعدتُ مقعده، اهـ.
  وهذا مخالف لكلامهم، إذ اشترطوا توافق مادَّتي الظرف وعامله، ولم يكتفوا بالتوافق المعنوي كما في المصدر، والفَرْقُ أن انتصاب هذا النوع على الظرفية على خلاف القياس لكونه مختصاً، فينبغي أن لا يتجاوز به محل السماع؛ وأما نحو: «قَعَدْتُ جُلُوساً» فلا دافع له من القياس؛ وقيل: التَّقدير: اقعدوا لهم على كل مرصد فحذفت «على»، كما قال [من الطويل]:
  [تَحِنُّ فَتُبْدِي مَا بِهَا مِنْ صَبَابَةٍ] ... وَأُخْفِي الَّذِي لَوْلَا الأَسَى لَقَضَانِي
  أي: لَقَضَى علي، وقياسُ الزجاج أن يقول في {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ١٦}[الأعراف: ١٦] مثل قوله في {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}[التوبة: ٥]، والصواب في الموضوعين أنهما على تقدير «على»، كقولهم: «ضُرِبَ زَيْدُ الظهر والبطن» فيمن نصبهما، أو أنَّ «لأقعدن» و «اقعدوا» ضُمنا «لألْزَمَنَّ» و «الْزَمُوا».
  اللفظ والمعنى فهم كما اشترطوا إبهام الظرف استثنوا منه ما إذا كان موافقاً لعامله في اللفظ والمعنى وهنا قد توافقا في المعنى فهو من جملة المستثنى غاية الأمر أنه عبر باقعدوا بدل ارصدوا قوله: (فكذا قعدت الخ) أي: لأن اقعدوا ليس على حقيقته بل بمعنى يصح ارصدوا. قوله: (كما يجوز قعدت مقعده) أي: فالمدار عنده على الاتفاق في المعنى وأن التوافق في اللفظ لا يشترط. قوله: (وهذا مخالف الخ) هذا رد الجواب أبي حيان المذكور. قوله: (توافق مادتي الظرف وعامله) أي: التوافق في اللفظ والمعنى، وأما التوافق في المعنى فقط يكفي فهو ليس كالمصدر. قوله: (كما في المصدر) أي: فقد اكتفوا فيه بالتوافق في المعنى فقط على القول الصحيح. قوله: (على ظرفيته) أي: على الظرفية. قوله: (محل السماع) أي: والمسموع إنما هو توافق الظرف وعامله في اللفظ والمعنى. قوله: (على كل الخ) أي: فهو منصوب على نزع الخافض قوله: (وأخفي الذي الخ) صدره:
  نحن وتبدي ما بها من صبابة
  قوله: (لقضى علي) أي: فحذف علي وأتى بنون الوقاية لتقي الفعل من الكسر. قوله: (مثل قوله في واقعدوا لهم كل مرصد) أي: من أن صراطك نصب على الظرفية أي إنه لم يقل فيه ذلك بل قال إنه نصب على نزع الخافض وقال ذلك في اقعدوا لهم كل مرصد وهما متماثلان فما جرى في أحدهما يجري في الآخر فهذا اعتراض ثانٍ على الزجاج. قوله: (الظهر) أي: على الظهر فهو منصوب على نزع الخافض. قوله: (ضمناً)