حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أم) - على أربعة أوجه:

صفحة 140 - الجزء 1

  أو لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي تخلفها «كل» مجازاً، نحو: «زيد الرَّجلُ علماً»، أي: الكامل في هذه الصفة، ومنه: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}⁣[البقرة: ٢]، أو لتعريف الماهية، وهي التي لا تخلفها «كلّ» لا حقيقةً ولا مجازاً، نحو: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}⁣[الأنبياء: ٣٠]، وقولك: «والله لا أتزوج النساء» أو «لا ألبس الثياب»، ولهذا يقع الحنث بالواحد منهما. وبعضُهم يقول في هذه: إنها لتعريف


  الاستثناء من مدخولها علامة شموله واستغراقه. قوله: (خصائص الإفراد) الإضافة لأدنى ملابسة أي لاستغراق الأفراد من جهة خصائصها أي: ولو واحدة كالعلم كأنه إفراد غير المخاطب فيه العلم تنزيلاً لعلم غيره منزلة العدم. قوله: (مجازاً) لعله مرسلاً علاقتها الكلية لأنه من إطلاق الكل على الجزء. قوله: (زيد الرجل علماً) أي: هو كل رجل باعتبار العلم. قوله: (أي الكامل في هذه الصفة) هي العلم فكل تخلف أل في ذلك على سبيل المجاز لا الحقيقة. قوله: (ذلك الكتاب) أي: الكتاب الكامل في الهداية وكأنه كل كتاب لاشتماله على ما فيها من الهداية على الوجه الأكمل، وهذا الذي ذكره من هذا القسم يصدق بالاستغراق العرفي نحو جمع الأمير الصاغة أي صاغة بلده، أو صاغة مملكته فإن كلا تخلف الأداة فيه بتجوز وليس لشمول الخصائص بل لشمول بعض ما يصلح له اللفظ وهو صاغة بلده أو صاغة مملكته دون من عداهم. اهـ. دماميني.

  قوله: (أو لتعريف الماهية) أي: في ضمن الإفراد قوله: (لا أتزوج النساء) أي الماهية المتحققة في الإفراد. قوله: (أو لا ألبس الثياب) وكما في المثال الثاني أو من حيث هي نحو الرجل خير من المرأة وكما في الإنسان حيوان ناطق. قوله: (وبعضهم يقول في هذه) أي: أل الجنسية التي لا تخلفها كل لا حقيقة ولا مجازاً إنها لتعريف العهد، قال ابن مالك في «شرح الكافية» ويلحق بالعهد ما يسميه المتكلمون تعريف الماهية كقول القائل اشتر اللحم فإن قائل هذا إنما يخاطب من هو معتاد بقضاء حاجته فقد صار ما يبعثه لأجله معهوداً بالعلم فهو كالمذكور المشاهد اهـ. فتحصل من هذا إن مذهب ابن مالك كمذهب المصنف في هذا التقسيم إلا إنه يخالفه في اللام التي لتعريف الماهية والحقيقة، فالمصنف يقول: إنها لام الحقيقة وابن مالك يقول: هي للعهد فالعهد عنده شخصي وجنسي، وللشخصي إما ذكري وإما حضوري وإما ذهني، والجنسي هو العهد الحقيقي أي المميز المعين، وقال التفتازاني: اللام بالإجماع للعهد ومعناه الإشارة والتعيين والتمييز أي لا ما أراده المصنف به، والإشارة إما إلى حصة معينة من الحقيقة وهو تعريف العهد سواء كان المعهود مذكوراً صريحاً أو كناية أو لم يكن مذكوراً بل كان حاضراً كما في صفة المنادى واسم الإشارة، أو لم يكن حاضراً بل كان معلوماً للمخاطب نحو ركب السلطان وأغلق الباب، وإما إلى نفس الحقيقة وذلك قد يكون بحيث لا يفتقر إلى اعتبار الإفراد وهو تعريف الحقيقة والماهية وقد يكون بحيث يفتقر إليه، وحينئذ إما أن توجد قرينة البعضية كما في أدخل السوق وهو العهد الذهني أو لا وهو الاستغراق، فالعهد