حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع الثالث عشر: منعهم من حذف بعض حذف الكلمات

صفحة 318 - الجزء 3

  «إنْ»: إنه أيضاً من باب الاشتغال مع قوله إن اللام بمعنى إلا، وإن نافية، ولا يجوز بالإجماع أن يعمل ما بعد إلا» فيما قبلها على أن هنا مانعاً آخر وهو لام القسم؛ وأما قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}⁣[مريم: ٦٦] فإن «إذا» ظرف لـ «أخرج»، وإنما جاز تقديم الظرف على لام القسم لتوسعهم في الظرف، ومنه قوله [من الطويل]:

  رَضِيعَيْ لِبَانِ شَدي أَمْ تَحَالَفَا ... بِاسْحَمَ دَاجِ عَوْضُ لا نتَفَرَّقُ

  أي: لا نتفرق أبداً، و «لا» النافية لها الصَّدر في جواب القسم، وقيل: العامل محذوف، أي: أئِذا ما مت أبعث لسوف أخرج.

  النوع الثالث عشر: مَنْعُهم من حذف بعض حذف الكلمات، وإيجابهم بعضها؛ فمن الأول الفاعل، ونائبه، والجار الباقي عمله إلا في مواضع، نحو قولهم: «الله


  قوله: (مع قوله ان اللام بمعنى إلا الخ) فيه نظر أما أو لا فلا يلزم من كون اللام بمعنى إلا أن تعطي حكمها فكم من كلمة بمعنى كلمة أخرى وهما متخالفتان في الأحكام، وأما ثانياً فمن المشهور عن الكوفيين ان المبتدأ والخبر يترافعان فكل منهما عامل في الخبر فيلزم أن يكون قائم في قولنا ما زيد إلا قائم عاملاً في زيد مع وقوعه بعد إلا فحكاية الإجماع على هذا مشكلة اهـ. دماميني. قوله: (مع قوله ان اللام) أي: في لما بمعنى إلا والمعنى ليوفين كلا إلا الذي ليوفينهم الخ. قوله: (ولا يجوز بالإجماع الخ) هذا رد على الفراء، وقوله أن يعمل ما بعد إلا فيما قبلها أي وما لا يعمل لا يفسر عاملاً. قوله: (ولا يجوز بالإجماع) أي: وحينئذ فالصواب أن إن مخففة وكلا اسمها ولام لما للابتداء وما موصولة خبر إن وجملة ليوفينهم جواب لقسم دلت عليه والقسم وجوابه في محل نصب مقول لقوله محذوف صلة لما أي وإن كلا للذي يقال فيه والله ليوفينهم ربك أعمالهم. قوله: (وهو لام القسم) أي: فإنها تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها وما لا يعمل لا يفسر عاملاً. قوله: (ومنه) أي: من تقديم الظرف توسعاً قوله: (لها الصدر في جواب القسم) أي: فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها لكن جاز تقديم الظرف المعمول لما بعدها عليها لتوسعهم في الظرف.

  قوله: (فمن الأول الفاعل) أي: فلا يجوز حذفه وكذا ما بعده. قوله: (فمن الأول الفاعل ونائبه) يريد ما هو مرفـ مرفوع بغير المصدر، وأما ما هو مرفوع به كما في قولك أعجبني ضرب الأمير اللص بتنوين ضرب ورفع الأمير على أنه فاعل به فلا نزاع في أنه يجوز حذفه فتقول أعجبني ضرب اللص والسبب فيه امتزاج الفاعل بالفعل وتنزيله منزلة الجزء من الكلمة فكرهوا حذف ما هو كالجزء منها بخلاف الفاعل مع المصدر، فإن قلت إنهم صرحوا في نحو ما قام وقعد إلا زيد وما قام وقعد إلا أنت بأنه تركيب صحيح وأنه