بيان مكان المقدر
  خبر «كان» يتقدّم مع كونه فعلاً على الصحيح، إذ لا تلتبس الجملة الاسمية بالفعلية.
  والثاني نحو متعلق باء البسملة الشريفة، فإن الزمخشري قدره مؤخراً عنها، لأن قريشاً كانت تقول، باسم اللات والعُزَّى نَفْعل كذا، فيؤخرون أفعالهم عن ذكر ما اتَّخذُوه معبوداً لهم تفخيماً لشأنه بالتقديم، فوجب على الموحد أن يعتقد ذلك في اسم الله تعالى، فإنَّه الحقيق بذلك، ثم اعترض بـ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}[العلق: ١ - ٣]، وأجاب بأنها أول سورة أنزلت، فكان تقديمُ الأمر بالقراءة فيها أهم؛ وأجاب عنه السكاكي بتقديرها متعلقة بـ «اقرأ» الثاني. واعترضَهُ بعضُ العصريين باستلزامه الفضل بين المؤكّد
  قوله: (إذ لا تلتبس الخ) يعني أن المانع من تقديم الخبر الفعلي في نحو زيد قام هو حصول الإلباس بين الاسمية والفعلية على تقدير جواز التقديم إذ لو قدم الخبر في هذا المثال، وقيل قام زيد لم يدر هل الجملة اسمية إن قدر زيد مبتدأ أو فعلية إن قدر فاعلاً ولا شك أن مفاد الجملتين مختلف فارتكاب ما يلبس بينهما محذور وهذا بخلاف نحو كان زيد يقوم إذ الجملة فعلية سواءً قدمت زيداً أو أخرته فالمانع منتف فيثبت الجواز، ولقائل أن يقول الإلباس حاصل بالنظر لما دخل عليه الناسخ وذلك لأن تأخير زيد يحتمل أن يكون هو مع رافعه وهو يقوم جملة فعلية خبراً عن ضمير شأن دخلت عليه كان فاستتر فيها ويحتمل أن يكون مبتدأ مؤخراً أخبر عنه بالفعلية المقدمة عليه وهي يقوم وليس ثم ضمير شأن والفرق بين الجملتين قبل دخول الناسخ عليهما ثابت بعد دخوله ودخوله لا يغير ما كانتا مختلفتين به باعتبار تقوي الحكم وعدمه فتجويز التقديم يوقع في الإلباس بعد دخول الناسخ أيضاً اهـ ... دماميني.
  قوله: (إذ لا تلتبس الجملة) أي: لا يتأتى الالتباس لعدم الاسمية بل كلها فعلية. قوله: (والثاني) أي: تقدير المتعلق مؤخر الأمر معنوي مقتض لذلك. قوله: (لأن قريشاً) أي: الكفار منهم قوله: (تفخيماً) أي: اهتماماً واعتناء بشأنه بسبب التقديم. قوله: (بذلك) أي: بالتفخيم والاهتمام قوله: (ثم اعترض) ضمير اعترض وأجاب للزمخشري. قوله: (باسم ربك) أي: فقد قدم المتعلق على اسم الله فلو كان تأخير المتعلق أولى لقيل باسم ربك اقرأ قوله: (أهم) أي: في خصوص عارض المقام فقدم لحق المقام وهذا لا ينافي أن اسم الله أهم في حد ذاته. قوله: (متعلقة باقرأ الثاني) أي: ومعنى الأول أوجد القراءة من غير اعتبار تعديته لمقروء به كما يقال فلان يعطي أي يوجد الإعطاء من غير اعتبار تعلقه بالمعطى بالفتح كذا في المفتاح وهذا مبني على أن تعلق باسم ربك باقرأ الثاني تعلق المفعولية ودخول الباء للدلالة على التكرير والدوام والأحسن أن اقرأ الأول والثاني منزلان منزلة اللازم أي افعل القراءة وأوجدها أو المفعول محذوف من كليهما أي اقرأ القرآن والباء للاستعانة أو للملابسة أي مستعيناً باسم ربك أو متبركاً أو مبتدئاً باسم ربك أو أنها للتعدية على حد أخذت الخطام وأخذت بالخطام. قوله: (بعض العصريين)