حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف الخبر

صفحة 409 - الجزء 3

  ووقع في غير ذلك أيضاً، نحو: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ١٩٦ مَتَاعٌ قَلِيلٌ}⁣[آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧]، {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}⁣[النساء: ١٧١]، {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}⁣[الأحقاف: ٣٥]، وقد صرح به في {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ}⁣[إبراهيم: ٥٢]، {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا}⁣[النور: ١] أي: هذه سورة، ومثله قول العلماء: «باب كذا» وسيبويه يصرح به.

حذف الخبر

  {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}⁣[المائدة: ٥] أي: حل لكم، {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}⁣[الرعد: ٣٥] أي: دائم؛ وأما {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}⁣[البقرة: ١٤٠] فلا حاجة إلى دعوى الحذف كما قيل؛ لصحة كون «أعلم» خَبَراً عنهما؛ وأما «أنْتَ أعلم ومالك» فمشكل لأنه إن عُطف على «أنت» لزم كون «أعلم» خبراً عنهما؛ أو على «أعلم» لزم كونُهُ شريكه في الخبرية، أو ضمير «أعلم» لزم أيضاً نسبةُ العِلم إليه والعطف على الضمير المرفوع المتصل من غير توكيد ولا فضل، وإعمال «أفعل» في الظاهر؛ وإن قدر مبتدأ حُذِفَ خبرَهُ لزم كون المحذوف «أعلم»،


  هم المؤمنون ولا يصح أن يقال بعد مبتدأ لأن المبتدأ دائماً كذلك. قوله: (متاع قليل) أي: هو متاع أي تقبلهم متاع قليل.

  قوله: (ولا تقولوا ثلاثة) أي: لا تقولوا هم أي مريم وعيسى والله آلهة ثلاثة أي مستوون في استحقاق العبادة، وقوله ولا تقولوا ثلاثة الخ الأولى حذفه لأن هذا في الأمثلة المذكورة للحذف بعد القول، وقد سبق والكلام هنا في حذف المبتدأ واقعاً بعد غير القول قوله: (وقد صرح به) أي: بذلك المبتدأ قوله: (أي هذه سورة) أي: فجملة أنزلناها صفة لسورة ويحتمل أن سورة مبتدأ وجملة أنزلناها صفة والخبر محذوف أي فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها قوله (وسيبويه يصرح به) أي: بالمبتدأ في ذلك فيقول هذا باب. قوله: (والمحصنات من المؤمنات) أي: حل لكم، وقوله أي حل لكم أي يقدر في الموضعين. قوله: إلى دعوى حذف أي أم الله أعلم. قوله: (لصحة كون اعلم خبراً عنهما) أي: فالخبر عنهما واحد غاية الأمر أنه قدم على أحدهما قوله: (لزم كون أعلم الخ) أي: وهذا لا يصح نظراً للمال لأنه لا يعلم قوله: (لزم كونه شريكه) أي: فيلزم أن المخاطب نفس المال لأن المبتدأ نفس الخبر. قوله: (إليه) أي: إلى المال أي ونسبة العلم للمال لا تصح قوله: (وإن قدر) أي: مالك أي وجعل من عطف الجمل. قوله: (لزم كون المحذوف اعلم) أي: بدليل المذكور أي لا يصح أن يكون المال يعلم.