وهي كثيرة، والذي يحضرني الآن منها عشرون موضعا
  أفردت لم يكن له معنى. فإن قلت: لِمَ جاء العطفُ بالواو ودون «أو»؟ قلت: كما جاء بها في المثال المذكور، ولو جئت فيه بـ «أو» ولأعْلَمْتَ أنه لا يسوغ لهم أن يقتسموه إلا على أحد أنواع هذه القسمة، وليس لهم أن يجمعوا بينها فيجعلوا بعض القسمة على تثنية، وبعضها على تثليث، وبعضها على تربيع؛ وذهب معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة الذي دلت عليه الواو؛ وتحريره أن الواو دلّتْ على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع، إن شاؤوا مختلفين في تلك الأعداد، وإن شاؤوا متفقين فيها، محظوراً عليهم ما وراء ذلك.
  وأبلغ من هذه المقالة في الفساد قولُ مَنْ أثبت واوَ الثَّمانية، وجعل منها {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}[الكهف: ٢٢]، وقد مضى في باب الواو أن ذلك لا حقيقة له، واختلف فيها هنا، فقيل: عاطفة خبر هو جملة على خبر مفرد، والأصل: هم سبعة وثامنهم كلبهم؛ وقيل: للاستئناف، والوقف على سبعة، وإن في الكلام تقريراً لكونهم سبعة؛
  قسم يقسم درهمين درهمين وقسم ثلاثة ثلاثة الخ. قوله: (لم يكن له معنى) أي: صحيح قال السعد لو أفردت وقلت: اقتسموا هذا المال در همين وثلاثة وأربعة لم يكن له معنى؛ لأن القصد الجمع والضم حينئذ فلم يصح جعل در همين حالاً من المال الذي هو ألف درهم مثلاً بخلاف ما إذا كرر فإن القصد فيه إلى التفصيل والتفصيل في حكم الأقسام وكذا الطيبات في حكم النكاح. قوله: (قلت كما جاء الخ) حاصله أنه إنما أتى بالواو؛ لأنها لكونها لمطلق الجمع تدل على جواز أخذ الناكحين من أرادوا نكاحها على وجه اهـ الجمع مع غيرها مطلقاً، أي: إن شاؤوا مختلفين في تلك الأعداد بأن يجمع أحدهم بين اثنين مثلاً وغيره بين ثلاثة أو أربعة أو متفقين: بأن يجمع كل واحد بين اثنين أو ثلاثة أو أربعة ولو أتى بأو التي لأحد الشيئين أو الأشياء لأفادت أنه لا يجوز للناكحين أخذ من أرادوا نكاحها على وجه الجمع مع غيرها بل على وجه الاتفاق بأن يكون الجميع مشركين في التثنية أو التثليث أو التربيع وكذا لو أتى بأو في المثال لأفادت أنه لا يسوغ للمخاطبين اقتسامه إلا على وجه التثنية فقط بأن يأخذ كل واحد اثنين أو التثليث فقط كذلك أو التربيع فقط كذلك بخلاف التعبير بالواو فإنه يفيد أمر المخاطبين بقسمه أقساماً قسم يقسم درهمين درهمين وقسم يقسم ثلاثة ثلاثة، وقسم يقسم أربعة أربعة. قوله: (الأعلمت) أي: لأفادت وقوله: فيجعلوا أي: بحيث يجعلون الخ. قوله: (إن شاؤوا مختلفين) أي: بأن يجمع أحدهم بين اثنين ويجمع غيره بين ثلاثة أو أربعة. قوله: (متفقين فيها) بأن يكون الجميع مشتركين في التثنية أو التثليث أو التزييع. قوله: (ما وراء ذلك) أي: ما ذكر من الأعداد قوله: (من هذه المقالة) أي: إن الواو بمعنى أو. قوله: (واو الثمانية) هي الواو الداخلة على لفظ الثمانية اشارة لتكثير العدد فالمعدود قبل الثمانية خال منها، وأما الثانية فهي داخلة عليها قوله: (إن ذلك) أي: القول. قوله: (واختلف فيها) أي في الواو هنا أي في هذه الآية قوله: (وقيل للاستئناف) أي: فهو