وهي كثيرة، والذي يحضرني الآن منها عشرون موضعا
  وكأنه لما قيل سبعة قيل: نعم وثامِنُهم كلبهم واتصل الكلامان؛ ونظيره {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً}[النمل: ٣٤] الآية، فإن {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ٣٤}[النمل: ٣٤] ليس من كلامهم، ويؤيده أنه قد جاءَ في المقالتين الأوليين {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}[الكهف: ٢٢] ولم يجيء مثله في هذه المقالة؛ فدل على مخالفتها لهما فتكون صدقاً؛ ولا يُرَدُّ ذلك بقوله تعالى: {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ}[الكهف: ٢٢] لأنه يمكن أن يكون المراد ما يعلم عدتهم أو قصتهم قبل أن نتلوها عليك إلا قليل من أهل الكتاب الذين عَرَفُوه من الكتُب؛ وكلامُ الزمخشري يقتضي أنَّ القليل هم الذين قالوا سبعة؛ فيندفع الإشكال أيضاً، ولكنه خلاف الظاهر؛ وقيل: هي واو الحال، أو الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لُصُوق الاسم بالصفة، كـ «مَرَرْتُ برَجُلٍ وَمَعَه سَيْفٌ»؛ فأما الواو الأولى فلا حقيقة لها؛ وأما واو الحال فأين عامل الحال إن قدرت هم ثلاثة أو هؤلاء ثلاثة، فإن قيل على التقدير الثاني: هو من باب {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}[هود: ٧٢] قلنا: العامل المعنوي لا يُحذف.
  ليس من كلام القائل هم سبعة بل من كلام الله ذكر تقرير الكلام القائل إنهم سبعة. قوله: (فإن وكذلك يفعلون) أي: فالمعنى نعم وكذلك يفعلون قوله: (ليس من كلامها) أي: وأنه أتى به تقريراً لكلامها وهذا غير متعين فقد جوز الزمخشري أن يكون من كلامها وذلك أنه قال، ثم قالت وكذلك يفعلون أرادت وهذه عادتهم الثابتة المستمرة التي لا تتغير؛ لأنها كانت في بيت الملك القديم فسمعت نحو ذلك ورأت. قوله: (ويؤيده) أي: القول بأن الواو في وثامنهم كلهم للاستئناف قوله: (في المقالتين) أي: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة الخ. قوله: (رجماً بالغيب) أي: لأن رجماً بالغيب راجع لهما معاً وحذف من الأولى لدلالة الثانية. قوله: (فدل على مخالفتها) أي: وحينئذ فلا يكون رجماً بالغيب، أي: كذباً بل صدقاً قوله: (ولا يرد ذلك) أي: ولا يرد كون الواو للاستئناف وأن في الكلام تقريراً لكونهم سبعة إذ مفاده أنه يعلمهم كثير اهـ تقرير شيخنا دردير.
  قوله: (أو قصتهم قبل أن نتلوها عليك إلا قليل) وهذا لا ينافي أنه يعرف عدتهم كثير من المؤمنين. قوله: (الذين عرفوه) أي: عرفوا ما ذكر من عددهم أو قصتهم. قوله: (فيندفع الإشكال) أي: لأن السبعة قليلون بالنسبة لغيرهم ممن قال المقالتين الأوليين. قوله: (فيندفع الإشكال أيضاً) أي: وهو أن قوله تعالى: {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ}[الكهف: ٢٢] يرد كون الواو في وثامنهم كلبهم للاستئناف وكون الكلام فيه تقريراً لكونهم سبعة، فإن مفاده أنه يعلمهم كثير من الناس. قوله: (أو الواو الداخلة) أي: أن جملة وثامنهم كأنهم صفة لسبعة والواو زائدة لتوكيد لصوق الصفة بالموصوف قوله: (فأما الواو) أي: فأما إبطال القول بذلك. قوله: (فأما الواو الأولى) أي: واو الثمانية والأولى حذف هذا لما سبق قريباً. قوله: (وأما واو الحال) أي: وأما إبطال كون الواو هنا واو الحال. قوله: (من باب الخ) أي: أن العامل في الحال ما في ها التنبيه من معنى الفعل. قال الدماميني: