حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثالث عشر: قولهم: «ينوب بعض حروف الجر عن بعض»

صفحة 468 - الجزء 3

  قال: وليس بضرورة لتمكنه من أن يكون «أَبْقَلَتِ ابْقَالَهَا» بالنقل، ورُدَّ بأنا لا نُسلّم أن هذا الشاعر مِمّن لغته تخفيف الهمزة بنقل أو غيره.

  الثالث عشر: قولهم: «يَنُوب بعض حروف الجرّ عن بعض» وهذا أيضاً مما يتداولونه ويستدلون به؛ وتصحيحه بإدخال «قد» على قولهم: «ينوبُ»، وحينئذ فيتعذَّرُ استدلالهم به، إذ كل موضع ادَّعَوْا فيه ذلك يقال لهم فيه: لا نسلم أن هذا مما وقعت فيه النيابة؛ ولو صح قولهم لجاز أن يقال: «مررتُ في زيد» و «دخلتُ من عمرو»، و «كتبتُ إلى القلم»، على أن البصريين ومَنْ تابعهم يرون في الأماكن التي أدعيت فيها النيابة أن الحرف باقٍ على معناه، وأن العامل ضُمِّن معنى عامل يتعدى بذلك الحرف؛ لأن التجوز في الفعل أسهل منه في الحرف.

  الرابع عشر: قولهم: «إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإذا أُعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كان الثاني عين الأول»، وحملوا على ذلك ما


  المزنة: السحابة البيضاء والودق المطر، وضمير ودقها عائد على السحابة التي شبه بها الجيش في البيت قبل هذا وأبقلت الأرض: خرج بقلها يريد فلا سحابة أمطرت مثل مطر السحابة التي يشبهها الجيش ولا أرض أبقلت مثل إبقال أرض أصابها مطر تلك السحابة المشبهة بها اهـ دماميني قوله: (بأنا لا نسلم أن هذا الشاعر في لغته الخ) أي: وإذا كانت لغته لا يخفف الهمزة بنقل أو غيره فعدوله عن أبقلت لأبقل لضرورة الشعر؛ لأنه لو عبر بأبقلت ولم ينقل حركة الهمزة للساكن قبلها ينكسر الوزن وهذا الجواب مبني على أن الضرورة ما ليس للشاعر عنه مندوحة أما على القول بأنها ما وقع في الشعر مطلقاً فجعل هذا ضرورة ظاهر. قوله: (ينوب بعض حروف الجر عن بعض) فظاهره أن كل حرف منها ينوب عن غيره وليس كذلك بل بعضها قد ينوب عن بعض منها. قوله: (ويستدلون به) أي: بهذا القول بأن يقال إن في في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}⁣[طه: ٧١] بمعنى على والباء في قوله تعالى {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}⁣[الفرقان: ٥٩] بمعنى لأن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض قوله: (بإدخال قد على قولهم ينوب) أي: عن قد ينوب. قوله: (ولو صح قولهم) أي: بإبقائه على إطلاقه وقوله لجاز الخ، أي: مع أنه لم يسمع ولا يجوز.

  قوله: (مررت في زيد الخ) أي على معنى بزيد ودخلت على عمرو وكتبت بالقلم. قوله: (يرون) أي: قد يرون الخ، وذلك لأنهم يقولون إن الحرف موضوع لمعنى واحد واستعماله في معنى غيره إما بسبب التجوز في الحرف وارتكاب التضمين في الفعل وهذا أولى لما قاله المصنف من أن التجوز في الفعل أسهل منه في الحرف. قوله: (أسهل منه في الحرف) أي: لأن الكوفيين ينكرون وجوده في الحرف قوله: (وإذا أعيدت معرفة)