فصل وأول ما يحترز منه المبتدئ
  وحكى العسكري في كتاب التصحيف أنه قيل لبعضهم: ما فعل أبوك بحماره؟ فقال: باعه، فقيل له: لِمَ قلت بَاعِهِ؟ قال: فلِمَ قلتَ أنتَ بحماره؟ فقال: أنا جرزته بالباء، فقال: فلم تجر باؤُكَ وبائي لا تجر؟
  ومثله من القياس الفاسد ما حكاه أبو بكر التاريخي في كتاب «أخبار النحويين» أن رجلاً قال لسَمَّاكِ بالبصرة: بكم هذه السَّمَكة؟ فقال: بدرهمان، فضحك الرجل، فقال السماك: أنت أحْمَقُ، سمعت سيبويه يقول: ثمنها در همان.
  وقلت يوماً: تَرِدُ الجملة الاسمية الحالية بغير واو في فصيح الكلام، خلافاً للزمخشري، كقوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠] فقال بعض مَنْ حضر: هذه الواو في أولها.
  وقلتُ يوماً: الفقهاء يلحنون في قولهم «البايع» بغير همز، فقال قائل: فقد قال الله تعالى {فَبَايِعْهُنَّ}[الممتحنة: ١٢].
  وقال الطبري في قوله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ}[يونس: ٥١]. إن «ثُمّ» بمعنى: هنالك.
  وقال جماعة من المُغرِبين في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}[الأنبياء: ٨٨] في قراءة ابن عامر وأبي بكر بنون واحدة: إنَّ الفعل ماض ولو كان كذلك لكان آخره مفتوحاً، و «المؤمنين» مرفوعاً.
  إلا قالت أمامة هل تعزي ... فقلت أمام قد غلب العزاءُ
  إذا ما العين فاض الدمع منها ... أقول بها قذى وهو البكاءُ
  إذا ذهب الشباب فبان منه ... فليس لما مضى منه لقاءُ
  ألا بلغ بنى عوف بن كعب ... فهل قوم على حلق سواءُ
  ألم أك جاركم الخ. قوله: (يقول ثمنها درهمان) أي: فقاس درهمان في التركيب الأول على الذي في الثاني لأن الذي في الأول مجرور والذي في الثاني مرفوع. قوله: (في أولها) أي: أول الجملة الاسمية وهي قوله وجوههم مسودة فظن أن هذه الواو زائدة لربط الجملة بصاحب الحال مع أنها من بنية الكلمة. قوله: (فقد قال الله تعالى الخ) أي: ولم يدر أن بائع اسم فاعل من البيع وبايعهن فعل من المبايعة. قوله: (بمعنى هنالك) أي: فتوهم أن ثم هنا المضمومة الثاء التي هي حرف عطف اسم إشارة للمكان كثم المفتوحة الثاء. قوله: (إن الفعل ماض) أي: مبني للمفعول. قوله: (والمؤمنين مرفوعاً) أي: نائب