حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل وأول ما يحترز منه المبتدئ

صفحة 498 - الجزء 3

  بقاض»: جار ومجرور، وعلامة جرّه كسرة مقدّرة على الياء المحذوفة، وفي نحو: {وَالْفَجْرِ ١ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ٢}⁣[الفجر: ١ - ٢] و «الفجر»: جار ومجرور، و «ليال» عاطف ومعطوف، وعلامة جرِّهِ فتحة مقدرة على الياء المحذوفة، وإنما قُدرت الفتحة خفتها لنيابتها عن الكسرة ونائب الثقيل ثقيل؛ ولهذا حذفت الواو في «يَهَبُ» كما حُذفت في «يَعِدُ»، ولم تُحذف في «يَوْجَلُ»، لأن فتحته ليست نائبة عن الكسرة، لأن ماضيه «وَجِلَ بالكسر، فقياسُ مضارعه الفتح، وماضيها «فَعَلَ» بالفتح، فقياسُ مضارعهما الكسر، وقد جاء «يَعِدُ» على ذلك، وأما «يَهَبُ» فإن الفتحة فيه عارضة لحرف الحلق.

  ومن هنا أيضاً قال أبو الحسن في: يا غُلاما يا غُلام، بحذف الألف وإن كانت أخَفَّ الحروف، لأن أصلها الياء.

  ومن ذلك أن يبادر في نحو: «المُصْطَفَيْنَ» و «الأعْلَيْنَ» إلى الحكم بأنه مثنى، والصواب أن ينظر أولاً في نونه، فإن وجدها مفتوحةً كما في قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ٤٧}⁣[ص: ٤٧] حكم بأنه جَمْع، وفي الآية دليل ثان، وهو وصفه بالجمع، وثالث وهو دخول «من» التبعيضيَّة عليه بعد {وَإِنَّهُمْ}، ومحال أن يكون الجمع من الاثنين، وقال الأحنف بن قيس [من الطويل]:


  الجموع. قوله: (ولهذا) أي: لأجل كون النائب عن الثقيل ثقيلاً. قوله: (فقياس مضارعهما الكسر) فأصل مضارعهما يوهب ويوعد بكسر الهاء والعين فوقعت الواو بين عدوتيها الفتحة والكسرة فحذفت ولا عبرة بفتح الهاء في يهب لأنها نابت عن الكسرة.

  قوله: (ومن هنا) أي: ومن أجل ذلك أي من أجل أن النائب عن الثقيل يكون ثقيلاً، وقوله ومن هنا الخ عطف على قوله ولهذا حذفت الواو مشاركاً له في الترتيب على كون نائب الثقيل يكون ثقيلاً قوله: (لأن أصلها الياء) أي: أصل الألف في يا غلاما الياء لأن ياء غلامي يجوز فيه إسكان الياء وفتحها وإذا فتحت جاز قلب الكسرة فتحة فتنقلب الياء ألفاً. قوله: (لأن أصلها الياء) أي: وهي ثقيلة والنائب عن الثقيل ثقيل. قوله: (فإن وجدها مفتوح الخ) أي: وإن وجدها مكسورة كان مثنى نحو جاء المصطفين والأدنين.

  قوله: (وقال الأحنف بن قيس) نسب السيوطي القصيدة لحاتم الطائي الجواد وأولها:

  أتعرف أطلالاً ونؤيا مهدماً ... كخطك في رق كتاباً منمنما

  أذاعت به الأرياح بعد أنيسه ... شهوراً وأياما وحولاً محرما

  فنفسك أكرمها فانك إن تهن ... عليك فلن تلقى لها الدهر مكرما

  أهن في الذي تهوى التلاد فإنه ... إذا مت صار المال نهباً مقسما