والرابعة: جواز «غَيْرُ قائم الزَّيْدَان» لما كان في معنى: ما قائم الزيدان، ولولا ذلك لم يجز؛ لأن المبتدأ إما أن يكون ذا خبر أو ذا مرفوع يُغني عن الخبر. ودليل المسألة قوله [من الخفيف]:

  ٩٠٨ - غيْرُ لاءِ عِدَاكَ فَاطَّرحِ اللَّهوَ، ... وَلاَ تَغْتَررْ بِعارِضِ سِلْم

  وهو أحسنُ ما قيل في بيت أبي نواس [من الرمل]:

  غير ضارب؛ لأنه عنده في معنى أنا زيداً لا أضرب وجعل لا داخلة على المضارع ليكون تكريرها غير واجب فلذلك قال: لأن النافي لا يحل هنا محل غير إذ لو قلت جاءني لا أضرب زيداً لم يجز اهر دماميني قوله: (غير قائم الخ) غير مبتدأ وقائم مضاف إليه، والزيدان فاعل سد مسد الخبر وكذا يقال في قوله غير لاه عداك قوله: (ولولا ذلك لم يجز) يعني: لولا أن غير قائم الزيدان بمعنى ما قائم الزيدان لم يجز هذا التركيب لأن جوازه إنما هو لكون غير مبتدأ وهو لا يجوز؛ لأن المبتدأ إما أن يكون ذا خبر أو ذا مرفوع يغني عن الخبر وغير في غير قائم الزيدان ليس واحد منهما قوله: (غير لاه الخ) هذا البيت مدرج من بحر الخفيف، وآخر صدره هاء، اللهو، وأول عجزه الواو منه والاغترار الانخداع والطمع والعدي بمعنى الإعداء فهو جمع، والعارض ما يبدو ويظهر من غير ثبات والسلم بكسر السين وفتحها الصلح يقول إن أعداءك ليسوا بلاهين عن الحرب والاعتداد لها فاعتد أنت أيضاً ولا تله ولا تنخدع بما عرض من صلح لا ثابت له ووجه الاستدلال بالبيت أن عداك إما أن يرفع على أنه مبتدأ خبر ما تقدم أو على أنه فاعل بالوصف لكون التركيب في معنى ما لا عداك لا سبيل إلى الأول؛ لأن غيراً مضاف إلى لاه وهو مفرد فيؤدي إلى قولك الأعداء غير لاء وهو ممتنع إذ لا يقال الزيدون غير قائم فتعين فثبت الثاني المطلوب ولمانع أن يمنع كون لا مفرداً لفظاً ومعنى لجواز كونه صفة لفريق أو نحوه فيكون في معنى الجمع ولا يخفى أنك لو قلت عداك غير فريق لا ملصح فيبطل الاستدلال حينئذ اهـ دماميني.

  قوله: (وهو أحسن ما قيل في بيت أبي نواس) تقدم الكلام عليه في الباب الأول، وذكر هناك في أعاريب ثلاثة أحدها هذا وهو أن الظرف مرفوع بالوصف وغير مبتدأ لا خبر والثاني أن غيراً خبر مقدم والمبتدأ محذوف وجملة ينقضي صفته والأصل زمن ينقضي بالهم والحزن غير مأسوف عليه والثالث: أنه خبر لمحذوف ومأسوف مصدر كالمعسور، والمراد به اسم الفاعل والمعنى أنا غير آسف وسبق ما في ذلك من البحث. قوله:

٩٠٨ - التخريج البيت بلا نسبة في (تذكرة النحاة ص ٣٦٦).

اللغة: اللاهي: اسم فاعل من: لها، يلهو. اطرح: اترك.

المعنى: يقول: إن أعداءك غير غافلين عنك، بل يتربصون بك، ويتحينون الفرصة للانقضاض عليك، فلا تأمن مهادنتهم ووداعتهم.