حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القاعدة الحادية عشرة

صفحة 561 - الجزء 3

  أحدها: إعطاء «غير» حكم إلا في الاستثناء بها نحو: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}⁣[النساء: ٩٥] فيمن نصب غير، وإعطاء «إلا» حكم غير في الوصف بها نحو: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}⁣[الأنبياء: ٢٢].

  والثاني: إعطاء أن المصدرية حكم «ما» المصدرية في الإهمال كقوله [من البسيط]:

  أَنْ تَقْرَآنِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا ... مِنِّي السَّلامَ وَأَنْ لَا تُشْعِرَا أَحَدًا

  الشاهد في «أن» الأولى، وليست مخفّفة من الثقيلة، بدليل أن المعطوفة عليها، وإعمال «ما» حَمْلاً على أن كما رُوي من قوله عليه الصلاة والسلام «كَمَا تَكُونُوا يَولّى


  يستملح ويستظرف ويستحسن من الكلام قوله: (تقارض اللفظين) من القرض أي السلف فشبه تلبس أحد اللفظين بحكم الآخر بتسلف كل من شخصين شيئاً من صاحبه واستعير اسم المشبه به وهو التقارض للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية. قوله: (إعطاء غير حكم إلا في الاستثناء بها) أي: في الإخراج بها لما بعدها عما قبلها، وإن كانت غير تنصب بخلاف إلا فإنها لا تعرب فالنصب لغير ليس ملحوظاً في الحكم المعطى لها فقوله في الاستثناء بيان للحكم قوله: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) أي: فالمراد غير الله أي موصوفون بكونهم غير الله وليس المراد الاستثناء وإلا لورد أنه لو كان هناك آلهة منهم الله لفسدتا. قوله: (أن تقرآن الخ) قبله:

  يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... وحيثما كنتما لاقيتما رشدا

  إن تحملا حاجة لي خف محملها ... تستوجبا نعمة عندي بها ويدا

  قوله: (الشاهد في أن الأولى) أي: فإنها مهملة إذ لو نصب بها لحذف النون. قوله: (بدليل ان المعطوفة عليها) أي: فإنها مصدرية والأصل تناصل تناسب العاطف ثم إن قوله بدليل أن المعطوف عليها فيه تسامح إذ ليس المعطوف ان وحدها بل هي وصلتها فالأولى أن يقول المعطوفة مع صلتها عليها، وقوله بدليل ان المطوفة فيه أنه يمكن أن تعطف أن المصدرية وصلتها على أن المخففة وصلتها وهو من عطف المصدر على المصدر كما تقول عندي أن لا تسيء إلى محبك وأن لا تحسن إلى عدوك برفع تسيء على أن أن مخففة من الثقيلة ونصب تحسن على أن أن ناصبة وحينئذ فلا دليل على أن الأولى مصدرية بل يجوز أن تكون مخففة وأجيب بأن هذا دليل على الرجحان لأن الأصل التناسب لا على تعين كونها مصدرية قوله: (كما تكونوا) أي: فلم يقل تكونون وذلك ليس إلا لإعمالها حملاً على أن المصدرية وفيه أن هذا إثبات لحكم بما لا دليل عليه إذ لم يوجد في غير هذا المحل فالأولى أن النون حذفت للتخفيف، وقد جاء ذلك نظماً ونثراً فأما الأولى ففي قوله: