حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أو) - حرف عطف

صفحة 172 - الجزء 1

  أحدهما، فأيهما فعله فهو أحدهما، وتلخيصه أنها تدخل للنهي عما كان مباحاً؛ وكذا حكم النهي الداخل على التخيير، وفاقاً للسيرافي. وذكر ابن مالك أن أكثر ورود «أو» «للإباحة» في التشبيه نحو: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}⁣[البقرة: ٧٤]، والتقدير، نحو: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ٩}⁣[النجم: ٩]، فلم يخصها بالمسبوقة بالطلب.

  والخامس: الجمع المطلق كالواو، قاله الكوفيون والأخفش والجزمي، واحتجوا بقول تَوْبَة [من الطويل]:

  ٨٨ - وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّي فَاجِرٌ، ... لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا

  وقيل: «أو» فيه للإبهام، وقول جرير [من البسيط]:


  التمثيل بهذه الآية للإباحة قبل دخول الناهي باعتبار ما قبل الشرع إذا وصل في الأشياء الحل فكان يباح حينئذ طاعة بهذه الآثم في إثمة، والكفور في كفره لا حرج على من ارتكبهما اهـ. تقرير دردير. قوله: (إذ المعنى لا تطع أحدهما) وهذا الأحد غير معين فهو دائر بين الآثم والكفور فلا يخرج من العهدة إلا بعدم الفعل من أصله أي بعدم إطاعة واحد منهما. قوله: (إنها تدخل للنهي عما كان مباحاً) أي: عما كان التركيب يفيد إباحته بحسب اللغة ولا شك إنه لو قيل أطع آثماً وكفوراً أفاد الكلام الإباحة قبل دخول لا، فمراد المصنف المباح قبل دخول حرف النهي. قوله: (وكذا حكم النهي الداخل على التخيير) أي: والنهي الداخل التخيير كذا يمتنع فعل المخير فيه نحو لا تأخذ من مالي ديناراً أو درهماً فيمتنع أخذ الجميع أي كل واحد منهما إذ المعنى لا تأخذ أحدهما فأيهما أخذه فهو أحدهما.

  قوله: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة) فالمعنى أن تشبيه قلوبهم بالحجارة أو بما هو أشد قسوة من الحجارة مباح معنى الإباحة صحة كل من الأمرين، وكذا تقدير الدنو بقاب قوسين أو بما هو أقرب من ذلك مباح وما قاله محل تأمل اهـ. دماميني. قوله: (الجمع المطلق) أي: الذي لم يقيد بمصاحبة أو قبلية أو بعدية قوله: (والجرمي) بفتح الجيم نسبة إلى بني قبيلة مشهورة لا بالضم ولا بالكسر كما قاله بعضهم. قوله: (توبة) بالتاء المثناة وهو مجنون ليلى قوله: (أو عليها فجورها) أي: لما تقالها وعليها فجورها فكون التقوى له وكون الفجور عليه ثابتان لنفسه. قوله: (للإبهام) أي: فهو يعلم حال نفسه


٨٨ - التخريج: البيت لتوبة بن الحمير في (الأزهية ص ١١٤؛ وأمالي المرتضى ٢/ ٥٧؛ وخزانة الأدب ١١/ ٦٨؛ والدرر ٦/ ١١٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٩٤؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٣٢، ٤٢٧؛ ولسان العرب ١٤/ ٥٥ (أوا)؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٤).

اللغة: التقى: الحذر من الوقوع في المعاصي. الفجور: الأعمال الفاحشة الشريرة.

المعنى: تدعي ليلاي أنني رجل فاحش لا أتورّع عن ارتكاب المعاصي، سامها الله أليس لكلّ نفس ما جنت، فإن إيماني يفيدني وحدي وسوني يضرني وحدي.