حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

خطبة المؤلف

صفحة 22 - الجزء 1

  الله، والمجاورة في خير بلاد الله، شَمَّرتُ عن ساعد الاجتهاد ثانياً، واستأنفتُ العمل لا كَسِلاً ولا متوانياً، ووضعتُ هذا التصنيف، على أحسن إحكام وترصيف، وتَتَبَّعْتُ فيه مُقْفَلات مسائل الإعراب فافتتحتها، وَمُعْضلات يَسْتشكلها الطلاب فأوضحتها


  به، ويحتمل أنه ظرف زمان وحينئذ يكون متعلقاً بمحذوف أي ذاهباً إلى مصر. قوله: (في خير بلاد الله) أي: مكة وهذا بناءً على أحد القولين في المسألة أو أنها خير البلاد بعد المدينة. قوله: (شمرت) جواب لما إن جعلت حرف شرط أو عاملتها إن جعلت اسماً بمعنى حين والتشمير في الأصل رفع الثوب أي رفعت الساتر عن ساعد الاجتهاد فالمفعول محذوف إن لم ينزل الفعل المذكور منزلة اللازم وإلا فمتروك أي فعلت التشمير. قوله: (الاجتهاد) شبه اجتهاده بشخص شديد الاهتمام بالعمل النافع وإثبات الساعد له الذي لا يكمل العمل إلا به تخييل والتشمير ترشيح. قوله: (ثانياً) صفة مقدر إما ظرف أو مصدر أي زماناً ثانياً أو تشميراً ثانياً فهو إما ظرف أو مفعول مطلق ويحتمل أنه اسم فاعل من ثنى فيكون حالا من فاعل شمرت وقوله العمل هو أخص من الفعل؛ لأنه ما كان ناشئاً عن روية بخلاف الفعل، وقوله لا كسلاً نفي للكسل الأصلي والتواني هو التكاسل الطارئ. فالمصنف قد نفى عن نفسه كون الكسل صفة لا ثابتة ولا حادثة فانتفى أصلاً، أما الأول: فمن قوله لا كسلاً وأما الثاني: فمن قوله ولا متوانياً؛ لأنه اسم فاعل من توانى فهو لمن قام به الفعل على معنى الحدوث قوله: (واستأنفت العمل) أي: وجددت العمل أي: التأليف للمغني. قوله: (لا كسلاً) بكسر السين عطف على حال مقدرة أي ناشطاً لا كسلاً وهو صفة مشبهة كفعل وهي تفيد الدوام والثبات أي: ليس عندي أصل الكسل فهو نفي للكسل الأصلي ولا نجعله صيغة مبالغة لأنها إنما تفيد نفي الكثرة فأصل الكسل موجود ولما خاف توهم طرو الكسل له دفعه بقوله، ولا متوانياً.

  قوله: (وضعت) أي: جعلت وأنشأت وقوله التصنيف هو في الأصل جعل الشيء أصنافاً غير مضموم بعضها لبعض كجعل أحكام الطهارة على حدة، والصلاة على حدة ولا يخلطها في بعضها، والمراد هنا المصنف أي المميز بعضه عن بعض بالتراجم إلا أنه صار الآن حقيقة عرفية التصنيف والتأليف بمعنى وهو ضم الكلام لبعض مطلقاً، وقيل التصنيف: ابتكار العلوم. قوله: (إحكام) أي: إتقان. قوله: (وترصيف) أي: جمع. قوله: (مقفلات الخ) شبه مسائل الإعراب ببيت مغلق والافتتاح وإثبات القفل تخييل ويصح أن تجرى الاستعارة في القفل فشبه الإشكال بالقفل واستعار القفل للإشكال واشتق من القفل مقفلات بمعنى مشكلات وقوله فافتتحتها ترشيح مستعار للإزالة فشبه إزالة الإشكال بالفتح واستعار اسم المشبه به للمشبه واشتق من الفتح فتح بمعنى أزال الإشكال. قوله: (فافتتحتها) أتى بصيغة افتعل إشارة للمعاناة أي: أنه لم يفتحها بسهولة بل بمعاناة وسعي. قوله: (ومعضلات) أي مشكلات قوله: (يستشكلها) أي: يستصعبها الطلاب المراد بهم ما يشمل العلماء.