· (إذ) على أربعة أوجه
  فإنه لو قيل: «لن ينفعكم اليوم وقتَ ظلمكم الاشتراك في العذاب» لم يكن التعليل مستفاداً، لاختلافِ زَمَني الفعلين؛ ويبقى إشكال في الآية، وهو أن «إذ» لا تُبْدَلُ من اليوم لاختلافِ الزمانين، ولا تكون ظرفاً لـ «ينفع»؛ لأنه لا يعمل في ظرفين، ولا لـ «مشتركون»، لأن معمول خبر الأحْرُفِ الخمسة لا يتقدم عليها، ولأن معمول الصلة لا يتقدم على الموصول، ولأن اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم.
  ومما حملوه على التعليل: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ١١}[الأحقاف: ١١]، {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ}[الكهف: ١٦] وقوله [من البسيط]:
  ١٢٠ - فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللَّهُ نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قُرَيش، وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ
  أن إذ في الآية لا تصلح للتعليل على القول الثاني لأنه لو قيل الخ اهـ تقرير دردير. قوله: (فإنه لو قيل الخ) هذا تعليل لمحذوف مفهوم مما قبله أي ينتفي السؤال على الأول، وأما على الثاني فيتوجه لأنه لو قيل الخ فمراده بالسؤال هذا البحث وقوله بعد وينفي إشكال الخ قدر زائداً عليه وكان الأوضح أن يقول ويرد على الثاني إنه لو قيل الخ.
  قوله: (لم يكن التعليل مستفاداً) أي: ومقتضى القول الثاني استفادته من قوة الكلام فمرد، هذا الاعتراض قوله والتعليل مستفاد من قوة الكلام وحاصله إنه لو استفيد التعليل من الكلام لكان إذا حذفت إذ وحلت محلها وقت استفيد التعليل مع إنه لا يستفاد. قوله: (الفعلين) الواقع علة وهو الظلم وزمنه الدنيا والفعل المعلل من حيث عدمه وهو النفع وزمنه الآخرة واختلاف الزمان يمنع التعليل بل في الحقيقة يمنع من التئام الكلام من أصله كما أشار له بقوله ويبقى إشكال. قوله: (ويبقى إشكال الآية) أجاب عنه المصنف بأربعة أجوبة، الأول: إن إذ حرف تعليل الثاني: ما ذكره عن أبي علي الثالث: أن يقدر ثبت بعد إذ الرابع تقدير بعد قبل إذ وقد تقدم الجواب الأول وسيأتي الثلاثة. قوله: (لاختلاف الزمانين) أي: الدنيا والآخرة وهما متباينان ولا يصح إبدال أحد المتباينين من الآخر. قوله: (لأنه) أي: العامل لا يعمل في ظرفين زمانيين كالذي نحن فيه بطريق الاستقلال لأن عدم النفع لا يمكن ظرفه في الدنيا والآخرة، وقوله: ظرفين أي مستقلين بحيث لا يكون الثاني تابعاً للأول أما البدليان فهو جائز. قوله: (ولأن اشتراكهم الخ) علة معنوية وما قبلها لفظية. قوله: (ولأن اشتراكهم) أي: في العذاب في الآخرة لا في زمن ظلمهم الذي هو الدنيا. قوله: (ومما حملوه) أي: أهل العلم والمفسرون وأما الجمهور فلا يقولون بذلك.
  قوله: (وإذا اعتزلتموهم) إذ فيها وما قبلها حرف تعليل لا ظرف وإلا لزم عمل ما بعد الفاء فيما قبلها قوله (إذ هم قريش) لو جعلت إذ ظرفاً لا تخل المعنى أعاد الله
١٢٠ - التخريج: البيت للفرزدق في (ديوانه ١/ ١٨٥ والأشباه والنظائر ٢/ ٢٠٩، ٣/ ١٢٢؛ =