حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (إذ) على أربعة أوجه

صفحة 226 - الجزء 1

  «اليوم»، فآخِرُ ما تحصل منه أن الدنيا والآخرة مُتَّصِلتان، وأنهما في حكم الله تعالى سواء، فكأن اليوم ماض أو كأن «إذ» مُستقبلة، انتهى.

  وقيل: المعنى إذ ثبت ظلمكم، وقيل: التقدير بعد إذ ظلمتم، وعليها أيضاً فـ «إذ» بدل من «اليوم»، وليس هذا التقدير مخالفاً لما قلناه في {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}⁣[آل عمران: ٨]؛ لأن المدَّعَى هناك أنها لا يُستغنى عن معناها كما يجوز الاستغناء عن «يوم» في «يومئذ»، لأنها لا تحذف لدليل، وإذا لم تقدر «إذ» تعليلاً فيجوز أن تكون «أنَّ» وصلتها تعليلاً، والفاعل مستتر راجع إلى قولهم: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ}⁣[الزخرف: ٣٨]، أو إلى «القرين»، ويشهد لهما قراءة بعضهم {أَنَّكُمْ}⁣[الزخرف: ٣٩]


  قوله: (فكائن اليوم ماض) المراد كأنهما زمن واحد فزمن أحدهما من جنس زمن الآخر ولا تضر حذف هذا التفريع أي وإذا كانا متصلين صحت البدلية لصيرورتهما شيئاً واحداً. قوله: (فكأن اليوم ماض) أي: أنك إما أن تلاحظ أن الجميع من جنس زمن الدنيا أو من جنس زمن الآخرة فمراده بالماضي الدنيا وبالمستقبل الآخرة والمعنى على هذا لن ينفعكم اليوم الحاضر الذي هو وقت الظلم حكماً أي متصل به أو لن ينفعكم اليوم الذي هو الآخر الذي هو وقت الظلم في الدنيا حكماً لاتصاله اهـ تقرير دردير.

  قوله: (وقيل المعنى) هذان القولان جواباً عن الآية على جعل إذ ظرفاً. قوله: (إذ ثبت ظلمكم) أي: كفركم ووقت ثبوت الظلم. الآخرة والمراد ثبوته لهم وعلمهم به وإلا فهو ثابت عند الله دائماً. قوله: (بعد إذ ظلمتم) أي: في الزمن الذي يعذر من ظلمكم ولا شك أن المراد بالزمن البعدي الآخرة اهـ تقرير دردير.

  قوله: (عليهما) أي: على تقدير ثبت أو بعد قوله: (وليس هذا) أي: تقدير بعد مخالفاً الخ وحاصل المخالفة أنه تقدم أن بعد أي وكذا قبل غير صالح للاستغناء عنهما عند إضافة إذ إليهما فهو يقتضي أن لا يحذفا والتقدير لبعد يقتضي حذفهما وحاصل الجواب أن معنى لا يستغني عنهما أي عن معناهما أي فلا بد من ملاحظة المعنى، وإن كان يجوز حذفهما لدليل اهـ. تقرير درير قوله: (لا أنها لا تحذف لدليل) أي: بل ذلك جائز كما هنا والدليل هنا توقف صحة الكلام على تقديرها فهي دلالة اقتضاء. قوله: (وإذا لم تقدر إذ تعليلاً) أي: بل جعلت بدلاً بتقرير ثبت أو بعد أو بملاحظة اتصال الدنيا والآخرة. قوله: (فيجوز أن تكون أن وصلتها تعليلاً) أي: على تقدير حرف التعليل أي ويجوز أن تكون أن وصلتها فاعل ينفع. قوله: (والفاعل مستتر) أي: فاعل ينفعكم. قوله: (يا ليت) بيان لقولهم أي لا ينفعكم قولكم يا ليت أو لن ينعفكم القرين لأنكم في العذاب مشتركون.

  قوله: (ويشهد لهما) أي: لهذين الاحتمالين وهما جعل الفاعل ضميراً للقول أو للقرين فهما إعرابان ووجه الاستشهاد أن قراءة الكسر لا يصح فيها أن يكون أن فاعلاً بل