حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

خطبة المؤلف

صفحة 24 - الجزء 1

  الطلاب، مع أن الذي أودعته فيها بالنسبة إلى ما ادَّخرته عنها كشَذرة من عِقْدِ نَحْر، بل كقطرة من قطرات بحْر، وها أنا بائح بما أسرَرْته، مفيد لما قرَّرته وحَرَّرْته، مُقَرِّبٌ فوائده للأفهام، واضع فَرائده على طَرَفِ الثَّمَام، لينالها الطلاب بأدنى إلمام، سائلٌ مَنْ حَسُن خيمه، وسلِمَ من داء الحسد أَدِيمُه، إذا عَثَرَ على شيء طَغَى به القلم، أو زلت به القَدَم، أن يغتفر ذلك في جَنْبِ ما قَرَّبْتُ إليه من البعيد، ورددت عليه من الشريد،


  قوله: (مع أن) متعلق بحسن أو بسار على سبيل التنازع قوله: (أودعته) أي: وضعته. قوله: (ادخرته) أصله إذتخر من الذخر على وزن افتعل قلبت تاء الافتعال دالاً كما هي القاعدة، وأبدلت الذال دالاً وأدغم أحد المثلين في الآخر، ويصح أن تبدل الدال ذالاً وتدغم ويصح أن يبين كلا الحرفين قوله: (عنها) أي: لم أودعه فيها. قوله: (كشذرة الخ) تطلق على القطعة الصغيرة الملتقطة من معدن الذهب قبل إذابتها وتطلق على اللؤلؤة الصغيرة وهو المراد هنا بدليل قوله عقد والعقد هو القلادة والنحر هو محل العقد من الصدر. قوله: (كقطرة) أي: نقطة من قطرت الخ اعترض هذا بأن المناسب للترقي بل كقطرة من بح؛ لأنه ترق في القلة وهذا يفيد أقل ما قال قوله: (وها أنا الخ) أدخل ها أنه التنبيه على الضمير المنفصل وخبره ليس اسم إشارة مع يمنع ذلك كما يأتي يبينه في حرف الهاء، وقد وقع له في ثلاثة مواضع إلا أن يجاب بأنه مشى فيها على ما جوزه بعضهم قوله: (بما أسررته) أي: بما ادخرته ولم أودعه في شيء من التأليف. قوله: (قررته) أي: ثبت في قراره أو المراد قررته في ذهني أو أن فيه مجاز الأول، وليس المراد أنه قرره سابقاً؛ لأنه بعيد ومثله يقال في وحررته أي هذبته وخلصته. قوله: (فوائده) أي: معانيه وقوله للأفهام جمع فهم وهو الإدراك والمراد هنا آلته وهو الذهن. قوله: (فرائده) جمع فريدة وهي اللآلئ الثمينة والمراد هنا المسائل النفيسة قوله: (الثمام) نبت لطيف له خوص أو شيء يشبه الخوص فشبه الألفاظ السهلة بطرف الثمام بجامع الأخذ بسهولة من كل على طريق الاستعارة التصريحية، ويصح أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية فشبه حالة وضع المعاني في ألفاظ سهلة بحالة زائدة على أطراف ثمام قوله: (بأدنى إلمام) أي توجه قوله: (سائل من الخ) سائل يتعدى إلى مفعولين بنفسه فمن مفعوله الأول والثاني وله أن يغتفر، وتارة يتعدى إلى الأول بنفسه، وإلى الثاني بعن نحو يسألونك عن الأهلة.

  قوله: (خيمه) أي: طبيعته وسريرته. قوله: (من داء الحسد) وأما من إضافة المشبه به للمشبه فقد شبهه بالداء الذي يفسد به الجسد أو أن الإضافة بيانية. قوله: (أديمه) أي: جلده والمراد قلبه؛ لأن الحسد إذا كان في القلب يظهر بالبدن. قوله: (إذا عثر) من باب نصر وله مصدران عثراً وعثوراً وهذا الظرف متعلق بسائل، فإن الدماميني وفيه أن السؤال الآن والعثور استقبالي، فالأولى تعلقه بيغتفر. قوله: (طغى به القلم) أي: وقع خطأ بسبب القلم. قوله: (أو زلت به القدم) زلة القدم خروجها غلبة عن الموضع الذي حقها أن تثبت فيه وهما كناية عن صدور ما لا ينبغي ووقوع الخطأ قوله: (أن يغتفر) من الغفر وهو