حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفصل الأول في خروجها عن الظرفية

صفحة 256 - الجزء 1

  جَاءُوهَا}⁣[الزمر: ٧١] حرفُ ابتداء دخل على الجملة بأسرها، ولا عمل له. وأما {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ١}⁣[الواقعة: ١] فـ «إذا» الثانية بدل من الأولى، والأولى ظرف، وجوابها محذوف لفهم المعنى، وحَسَّنه طولُ الكلام، وتقديره بعد «إذا» الثانية، أي: انقسمتم أقساماً وكنتم أزواجاً ثلاثة. وأما «إذا» في البيت فظرف لـ «لهف»، وأما التي في المثال ففي موضع نصب، لأنا لا نُقدِّر زماناً مضافاً إلى ما يكون، إذ لا موجب لهذا التقدير. وأما الحديث فـ «إذا» ظرف لمحذوف، وهو معمول «أعْلَم»، وتقديره: شأنكِ ونحوه، كما تعلق «إذ» بالحديث في {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ٢٤ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ}⁣[الذاريات: ٢٤ - ٢٥].


  قوله: (ولا عمل لها) أي: فتكون الجملة بعدها مستأنفة لا محل لها من الأعراب واستشكل بعضهم مجيء هذه الجمل الشرطية من إذا وجوابها بعد حتى فقال كيف تكون حتى غاية وبعدها جملة الشرط وهي لا تكون غاية وأجيب بأن الغاية في الحقيقة ما ينسبك من الجواب مرتباً على فعل الشرط فالتقدير وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً إلى أن تفتح أبوابها وقت مجيئهم فينقطع السوق. قوله: (والأولى ظرف) إما لفعل الشرط أو لجوابه على الخلاف الآتي.

  قوله: (وحسنه) أي: حسن حذف الجواب. قوله: (بعد إذا الثانية) أي: لئلا يفصل بين البدل والمبدل منه. قوله: (أي انقسمتم) هذا جواب الشرط. قوله: (فظرف للهف) أي: لا بدل من غد المجرور بمن قوله: (فظرف للهف) أي: يا لهفي في هذا الوقت. قوله: (وأما التي) أي: وأما إذا التي الخ. قوله: (في المثال) أي: أخطب ما يكون الأمير قائماً حيث كان الأصل أخطب أكوان الأمير إذا كان قائماً.

  قوله: (ففي موضع نصب) أي: على الحال بالخبر المحذوف أي أخطب أكوان الأمير حاصل في زمن وجوده قائماً. قوله: (لأنا لا نقدر زماناً مضافاً إلى ما يكون) أي: كما فعل هؤلاء القوم حيث قدروا أوقاتاً قبل أكوان وحاصل هذا أن ما حينئذ لا تكون إلا مصدرية فقط لا ظرفية كما قال أولئك وإنما لم يقدرها ظرفية للزوم وظرفية الزمان في الزمان. قوله: (شأنك) بالنصب على الحكاية وإن كان خبر تقديره وقوله ونحوه بالرفع عطفاً على شأنك المحكي باعتبار الإعراب المقدر فيه.

  قوله: (كما تعلقت) تنظير في أن كلاً تعلق بمصدر فيه رائحة الفعل. قوله: (كما تعلقت إذ بالحديث الخ) ويجوز أن تتعلق بالمكرمة إذ فسر بإكرام إبراهيم لهم وإلا فالإضمار أي اذكر وقت دخولهم عليه؛ لأن أكرم الله لهم وكونهم مكرمين في أنفسهم ليس بمتقيد بوقت دخولهم كما تقيد إكرام إبراهيم.