خطبة المؤلف
  الباب السابع: في كيفية الإعراب.
  الباب الثامن: في ذكر أمور كليَّة يتخرَّج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية.
  واعلم أنني تأملتُ كتب الإعراب فإذا السبب الذي اقتضى طولها ثلاثة أمور:
  أحدها: كثرة التكرار، فإنها لم تُوضَعْ لإفادة القوانين الكلية، بل للكلام على الصور الجزئية.
  فتراهم يتكلمون على التركيب المعين بكلام، ثم حيث جاءت نظائره أعادوا ذلك الكلام، ألا ترى أنهم حيث مرّ بهم مثل الموصول في قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة: ٢ - ٣] ذكروا أنَّ فيه ثلاثة أوجه، وحيث جاءهم مثلُ الضمير المنفصل في قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥}[آل عمران: ٣٥] ذكروا فيه ثلاثة أوجه أيضاً، وحيث جاءهم مثل الضمير المنفصل في قوله تعالى: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}[المائدة: ١١٧] ذكروا فيه وجهَيْن، ويكرّرون ذكر الخلاف فيه إذا
  في محل رفع فاعل، وأن يكون بالرفع فاعل، وأن تعد معايبه بدل اشتمال، قوله: (واعلم الخ) الواو للاستئناف أو عاطفة على قوله فدونك لكن يبعد من جهة كثرة الطول والقصد من هذه المقدمة بيان أن مراده خدمة كتاب الله بكتاب مشتمل على قواعد كلية لا كالكتب المشتملة على التكرار والتطويل قوله: (أني تأملت كتب الإعراب) أي: تأملت سبب طول كتب الإعراب بدليل قوله فإذا السبب الخ. قوله: (فإنها) أي: كتب الإعراب وهذه كالعلة لما قبله أي وإنما كرروا لأنها الخ. قوله: (القوانين) أي: القواعد وقوله بل للكلام الخ أي فحينئذ لا بد من التكرار فكلما جاءت كلمة أعربوها ولو تقدمت نظيرتها فوراً. قوله: (على الصور) أي على إعرابها قوله: (التركيب المعين) أي: مثل: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢ الَّذِينَ} الخ، فيعربون الذين إما بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما بعده أو خبر لمحذوف وبالنصب على أنه في الأصل نعت وقطع للنصب وبالجر على أنه نعت تابع. قوله: (حيث مر بهم) أي: وقت مر بهم الموصول في قوله تعالى هدى الخ، ومثل الموصول في هذه الآية ما في النمل، أو لقمان قوله: ذكروا الخ أي: فحينئذ يحصل التكرار. قوله: (في قوله تعالى) أي: حيث مر بهم الموصول في قوله ومثله. قوله: (ذكروا فيه ثلاثة أوجه أيضاً) هي كون أنت تأكيداً للضمير المنصوب وكونه فصلاً وكونه مبتدأ مخبراً عنه بما بعده، وقوله أيضاً كلمة لا تستعمل إلا مع الشيئين بينهما تناسب ويمكن استغناء كل منهما عن الآخر وهي مصدر آض بمعنى رجع فهي منصوبة على المصدرية أو على الحالية، فالمعنى على الأول وأرجع إلى الإخبار عنهم بثلاثة أوجه رجوعاً، وإن كانت غير الثلاثة الأول، وعلى الثاني، فالمعنى وأخبر بما تقدم حال كوني راجعاً إلى الإخبار بذكر ثلاثة أوجه عنهم قوله: (وجهين) وهما كونه تأكيداً وكونه فصلاً