حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال

صفحة 262 - الجزء 1

  «سير عليه يوم الجمعة سَحَرَ» برفع الأولِ ونصب الثاني، ونص عليه سيبويه، وأنشد للفرزدق [من الطويل]:

  ١٣٦ - مَتَى تَرِدَنْ يَوْماً سَفَارِ تَجِدْ بها ... أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَجيزَ المُعَوَّرَا

  فـ «يوماً» يمتنع أن يكون بدلاً من «متى»، لعدم اقترانه بحرف الشرط، ولهذا يمتنع في «اليوم» في المثال أن يكون بدلاً من «إذا»، ويمتنع أن يكون ظرفاً لـ «تجد»، لئلا ينفصل «ترد» من معموله - وهو «سفار» - بالأجنبي، فتعين أنه ظرف ثانٍ لـ «ترد».

  والرابع: أن الجواب وَرَدَ مقروناً بـ «إذا» الفجائية نحو: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ


  في المبدل منه وحينئذ فالعامل متعدد فلا يصح التنظير لما نحن فيه، وحاصل الجواب أننا لا نسلم إنه بدل الخ اهـ تقرير دردير قوله: (سير عليه يوم الجمعة سحر) أي: فيوم نائب فاعل سير وسحر منصوب على الظرفية وما كان منصوباً على الظرفية لا يصح أن يكون بدلا من نائب الفاعل، وإذا كان لا يصح أن يكون بدلاً فليكن نظيره كذلك. قوله: (متى تردن يوماً سفار) سفار اسم بئر لمازن بن مالك أي في أي وقت ولحظة تردن يوماً هذه البئر تجد أديهم تصغير أدهم وهو الأسود والمراد به هنا ابن مرادس أحد بني كعب فهو علم له، وكان خبيثاً والمستجيز الطالب للماء والعور المصروف عنه. قوله: (لعدم الخ) أي: والبدل من الشرط يجب قرنه بالشرط تقول متى جئتني إن يوم الجمعة وإن يوم الخميس أكرمتك كما يجب قرن البدل من الاستهفام به نحو من جاءك أزيد أم عمرو تقرير دردير قوله: (ولهذا يمتنع الخ) أي: ولأجل كون البدل من الشرط يجب قرنه بالشرط يمتنع الخ. قوله: (في المثال) أي: وهو إذا جئتني اليوم أكرمتك غداً فلا صيح أن اليوم بدل من إذا لعدم قرن اليوم بالشرط فتعين إنه ظرف ثانٍ لجئتني كما تقدم. قوله: (ويمتنع أن يكون) أي: يوم في البيت لا في المثال قوله: (والرابع الخ) رد بأن الأكثر صرحوا بأن محل كون إذا معمولة للجواب إذا كان صالحاً، ولم يمنع مانع فإن منع فهي معموله لمحذوف على أن تقديم ممتنع التقديم جائز لغرض مهم، والغرض المهم هنا قال الرضى تضمن إذا الشرط الذي له الصدر فيجوز تقدم إذا هذه من حيث أنها شرطية ويكون عاملها هو الجواب، ولو اقترن بإذا الفجائية أو الناسخ وعلى الأول فيقدر في الآية تخرجون إذا.


١٣٦ - التخريج: البيت للفرزدق في (ديوانه ١/ ٢٨٨؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٢٥؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٨٥؛ ولسان العرب ٤/ ٣٧١ (سفر)، ٤/ ٦١٤ (عور)؛ والمقتضب ٣/ ٥٠).

اللغة والمعنى: ترد: تطلب الماء. سفار: منهل قرب ذي قار. أديهم: هو ابن مرداس بن تميم. المستجيز: طالب الماء للأرض أو للماشية المعوّر: الذي لم تقض حاجته.

يقول: متى تقصد ذلك المنهل تجد ابن مرداس يمنع طالب الماء ويرده خائباً دون أن يقضي له حاجته.