الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال
  الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ٢٥}[الروم: ٢٥]، وبالحرف الناسخ، نحو: «إِذَا جِئْتَنِي الْيَوْمَ فَإِنِّي أُكْرِمُكَ»، وكلُّ منهما لا يعمل ما بعده فيما قبله. وورد أيضاً والصالح فيه للعمل صفة، كقوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ٨ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ٩}[المدثر: ٨ - ٩] ولا تعمل الصفة فيما قبل الموصوف وتخريج بعضهم هذه الآية على أن «إذا» مبتدأ وما بعد الفاء خبر لا يصحُّ إلا على قول أبي الحسن ومَنْ تابعه في جواز تصرف «إذا» وجواز زيادة الفاء في خبر المبتدأ، لأن «عُسْرَ اليوم» ليس مُسَبَّباً عن «النقرِ»، والجيد أن تخرج على حذف الجواب مدلولاً عليه بـ «عسير»، أي: عَسُرَ الأمر. وأما قول أبي
  قوله: (وكل منهما) أي: من إذا الفجائية والحرف الناسخ. قوله: (وورد) أي: الجواب. قوله: (صفة) أي: لموصوف قوله: (فإذا نقر في الناقور) أي: نفخ في الصور النفخة الأولى وقيل الثانية. قوله: (فذلك) إشارة لوقت النقر وهو مبتدأ ويومئذ اسم زمان مبني على الفتح لإضافته إلى إذا التي هي اسم غير متمكن في محل رفع على أنه بدل من ذلك، وقوله: يوم عسير خبر المبتدأ كأنه قيل فيوم النقر يوم عسير. قوله: (ولا تعمل الصفة الخ) قد مر جواب هذا سابقاً في الإيراد الثالث فلا عود ولا إعادة وحاصله إنه يجوز تقديم ممتنع التقديم لغرض مهم وهو هنا تضمن إذا الشرط الذي له الصدارة فيجوز تقديم إذا هنا على عاملها وهو الجواب، وإن كان فيه تقديم معمول الصفة على الموصوف لذلك الغرض والمعنى إن وقع النقر فيوم النقر يوم عسير في أي وقت وقع فيه. قوله: (ولا تعمل الصفة الخ) أي: فيمتنع عمل عسير في إذا ثم إن في كلام المصنف تدافعاً لأنه جزم أولاً بأن الصالح للعمل صفة، وجزم ثانياً بعدم الصلاحية حيث منع عمل الصفة فيما قبل الموصوف، وأجيب بأن قوله أولاً والصالح للعمل أي في حد ذاته فلا ينافي المنع لعارض كونه نعتاً تقدم معموله قوله: (ولا تعمل الصفة) يخالف تجويز الزمخشري تعلق الظرف من قوله تعالى، وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً لصفة على معنى، قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً في قلوبهم وجوز أيضاً تعلقه بقل أي قل لهم في شأن أنفسهم أو قل لهم قولاً في أنفسهم خالياً بهم مسارراً لهم في النصيحة لأن النصح خفية عن الناس أقرب للقبول. قوله: (إلا على قول أبي الحسن) أي: الأخفش.
  قوله: (في جواز تصرف إذا) أي: حيث جوز خروجها عن الظرفية كما تقدم في الفصل الأول. قوله: (لأن عسر الخ) علة لمحذوف أي ولا يجوز أن تكون هذه بالفاء الداخلة على الخبر من حيث تضمن المبتدأ معنى الشرط للدلالة على السببية نحو الذي يأتيني فلا درهم لأن عسر الخ. قوله: (لأن عسر اليوم ليس مسبباً عن النقر) أي: وإنما هو مسبب عما يقع في اليوم من الأهوال وقد يقال هو مسبب عنه بواسطة أن النفخ سبب لوقوع هذه الأهوال أي: لأنها لا تقع إلا بعده. قوله: (لأن عسر اليوم الخ) أي: فلزم أن الفاء لمحض الزيادة. قوله: (على حذف الجواب) أي: كما قاله الزمخشري وجماعة.