حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال

صفحة 268 - الجزء 1

  ونظير ما أورده أبو حيان على الأكثرين أن يورد عليهم قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ٧}⁣[سبا: ٧] فيقال: لا يصحُ لـ «جديد» أن يعمل في «إذا»، لأن «إنَّ» ولام الابتداء يمنعان من ذلك لأن لهما الصدر؛ وأيضاً فالصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف. والجواب أيضاً أن الجواب محذوف مدلول عليه بـ «جديد»، أي: إذا مزقتم تجدّدون، لأن الحرف الناسخ لا يكون في أول الجواب إلا وهو مقرون بالفاء، نحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ٢١٥}⁣[البقرة: ٢١٥]، وأمَّا {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ١٢١}⁣[الأنعام: ١٢١] فالجملة جواب لقسم محذوف مقدَّر قبل الشرط، بدليل {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ}⁣[المائدة: ٧٣] الآية، ولا يسوغ أن يقال: قدرها خالية من معنى الشرط، فتستغني عن جواب، وتكون معمولة لما قبلها وهو {قَالَ}⁣[سبأ: ٧] أو {نَدُلُّكُمْ}⁣[سبأ: ٧] أو {يُنَبِّئُكُمْ}⁣[سبأ: ٧] لأن هذه الأفعال لم تقع في ذلك الوقت.


  يوم فهو مفعول فيه. قوله: (نظير ما أورده) أي: وهو قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ}⁣[الجاثية: ٢٥]. قوله: (على الأكثرين) أي: في قولهم أن العامل في جوابها. قوله: (فيقال لا يصح لجديد الخ) أي: وحينئذ تعين أن يكون العامل في إذا شرطها أي إن مزقتم كل ممزق في أي وقت إنكم لفي خلق جديد. قوله: (والجواب أيضاً) أي: عن هذه الآية من طرف الأكثرين كالجواب عن الآية السابقة وهي ما كان حجتهم وقوله أن الجواب أي جواب الشرط. قوله: (أن الجواب محذوف) أي: وليس الجواب إنكم لفي خلق جديد. قوله: (لأن الحرف الخ) علة لكون الجواب محذوفاً وليس هو قبيلة إنكم لفي خلق هو الجواب ولا يحتاج للفاء في جواب إذا فالاعتراض وارد. قوله: (وإن أطعتموهم الخ) هذا الاعتراض وارد على قوله إلا وهو مقرون بالفاء. قوله: (جواب لقسم) أي: وليس جواباً لأن لأنه لا يحسن ذلك ليس فيه فائدة. قوله: (مقدر قبل الشرط) أي: ذلك القسم أي ومن المعلوم أنه إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق والسابق هو القسم. قوله: (وإن لم ينتهوا عما يقولون) فإن الجواب فيها للقسم قطعاً بشهادة اللام ونون التوكيد فيلزم تقديره قبل الشرط لأجل أن يكون الجواب له، وكذلك إنكم لمشرعون يصلح جواباً للقسم لا للشرط فيقدر قبل الشرط ليكون جواباً له، وقوله: الآية الأولى حذفه لأن الباقي ليس من الشاهد في شيء ولا يقال الآية إلا إذا كان فيها شاهد ويمكن أن يكون الباقي منها هو معمول يمس من فاعل ومفعول، والآية هي قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣}⁣[المائدة: ٧٣] ١ هـ دماميني. قوله: (قدرها) أي: إذا قوله: (فتغني) بفتح النون مضارع غني أي فتستغني عن جواب ويكون بالنصب عطفاً على تغني المنصوب بإضمار أن بعد الفاء الواقعة بعد الأمر وهو قدرها. قوله: (إن هذه الأفعال) علة لقوله لا يسوغ قوله: (في ذلك الوقت) أي: وقت التمزيق أي