حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفصل الثالث في خروج «إذا» عن الشرطية

صفحة 269 - الجزء 1

الفصل الثالث في خروج «إذا» عن الشرطية

  ومثاله قوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ٣٧}⁣[الشورى: ٣٧]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩}⁣[الشورى: ٣٩]، فـ «إذا» فيهما ظرف لخبر المبتدأ بعدها. ولو كانت شرطيّة والجملة الاسمية جواباً لاقترنت بالفاء مثل: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٧}⁣[الأنعام: ١٧]؛ وقول بعضهم: «إنه على إضمار الفاء» تقدم رده؛ وقول آخر «إن الضمير توكيد لا مبتدأ، وإن ما بعده الجواب» ظاهِرُ التعسف؛ وقول آخر «إن جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها» تكلف من غير ضرورة.

  ومن ذلك «إذا» التي بعد القَسَمِ نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ١}⁣[الليل: ١]، {وَالنَّجْمِ


  لأنه لا يقال لهم بعد تمزيقهم ولا ينبؤون بعد التمزيق ولا يدلون بعد التمزيق.

  قوله: (لأن هذه الأفعال لم تقع في ذلك الوقت) أي: وقت التمزيق أي وإنما وقعت في حال حياتهم فكان الرجل من الكفار يقول لأصحابه استهزاء بالنبي هل ندلكم على رجل الخ يعني به محمداً . قوله: (لاقترنت بالفاء) أي: ولما لم تقترن بالفاء علم أنه لا جواب لها ولا تكون كذلك إلا إذا كانت غير شرطية، وقد يقال اغتفر مجيئه بلا فاء لعدم أصالة إذا في الشرطية كما مر عن الرضى قوله: (وقول بعضهم إنه) أي: ما ذكر من الجملة الإسمية جواب على إضمار الخ. قوله: (تقدم رده) أي: من أن الفاء إنما تحذف من جواب الشرط للضرورة. قوله: (توكيد) أي: ضمير فصل مؤكد. قوله: (ظاهر التعسف) أي: الأخذ على غير طريق وفيه نظر إذ هذا القول موافق للقواعد فلا تعسف أصلاً فضلاً عن كونه ظاهراً قوله: (ظاهر التعسف) أي: لأن المقام لا يقتضي تأكيد المسند إليه بل إسمية الجملة هو الموافق للمراد من أن ذلك شأنهم الدائم، ومن قصر نظره على ظواهر العربية نازع في أصل التعسف فضلاً عن ظهوره قوله: (وقول آخر أن جوابها محذوف الخ) أي: والتقدير يغفرون وينتصرون بدونهم قوله: (تكلف من غير ضرورة) أي: لأن كونها غير شرطية يغني عن التكلف وهو تقدير الجواب، وقوله: من غير ضرورة رد بأن هناك ضرورة داعية لارتكابه وهو جريان إذا على غالب أحوالها وهو كونها شرطية، وقد يقال إن بقاء إذا على عارض الشرطية وإن غلب ليس بضرورة قوله: (ومن ذلك إذا التي بعد القسم الخ) أي: بل هي متعلقة بكائن محذوف أي أقسم بالليل حالة كونه كائناً وتكون حالاً منتظرة إذا كانت إذا للاستقبال، وإن كانت للحال فهي حال مقارنة. قوله: