الفصل الثالث في خروج «إذا» عن الشرطية
  إِذَا هَوَى}[النجم: ١]، إذ لو كانت شرطيّة لكان ما قبلها جواباً في المعنى كما في قولك: «آتِيكَ إذا أَتَيْتَني»، فيكون التقدير: إذا يغشى الليل وإذا هوى النجم أقسمت.
  وهذا ممتنع؛ لوجهين:
  أحدهما: أن القسم الإنشائي لا يقبلُ التعليق، لأن الإنشاء إيقاع، والمعلق يحتمل الوقوع وعَدَمَه، فأما «إنْ جَاءَنِي فَوَاللَّهِ لأَكْرِمَنَّهُ»، فالجواب في المعنى فِعْلُ الإكرام، لأنه المسبب عن الشرط، وإنما دَخَلَ القسم بينهما لمجرد التوكيد، ولا يمكن ادعاء مثل ذلك هنا، لأن جوابَ والليل ثابت دائماً، وجواب والنجم ماض مستمرّ الانتفاء، فلا يمكن تسببهما عن أمر مستقبل وهو فعل الشرط.
  والثاني: أن الجواب خَبرِيّ، فلا يدلّ عليه الإنشاء، لتباين حقيقتهما.
  (كان ما قبلها) أي: وهو أقسمت. قوله: (جواباً في المعنى) أي: لا في الظاهر لأنه في الظاهر محذوف والسابق على الشرط دليل الجواب على الأصح لا إنه الجواب. قوله: (أن القسم الإنشائي الخ) أي: وما هنا قسم إنشائي. قوله: (إيقاع) أي: مدلوله متوقع بنفس النطق به. قوله: (يحتمل الوقوع وعدمه) أي: يجب أن يكون جملة خبرية محتملة للووقوع وعدمه، وأما إن دخلت الدار فأنت حر فهو إنشاء للتعليق لا تعليق للإنشاء، كذا قيل ورده الرضى بورود ذلك في القرآن كثيراً نحو: {فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ}[النساء: ١٥]، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً فإن هذا من تعليق الإنشاء. قوله: (فأما إن جاءني الخ) جواب عما يقال إنه ورد وقوع القسم الإنشائي جواباً في قولك إن جاءني الخ فجاء فعل الشرط والفاء رابطة ولأكرمنه جواب القسم وجواب الشرط هو القسم وجوابه بدليل قرنه بالفاء. قوله: (فالجواب) أي: جواب الشرط. قوله: (في المعنى فعل الإكرام) أي: وفي الظاهر جملة القسم الذي هو إنشاء قوله: (فالجواب في المعنى الخ) أي: ففي المعنى لأكرمنه هو الجواب أي مضمون لأكرمنه الذي هو جواب القسم جواب الشرط وليس الجواب هو جملة القسم اهـ تقرير دردير قوله: (لأنه المسبب عن الشرط) أي: لأن مضمونه المسبب عن الشرط. قوله: (لأن جواب والليل الخ) وهو قوله إن سعيكم لشتى أي لأن تفريق السعي ثابت دائماً قوله: (وجواب والنجم) أي: وهو ما ضل صاحبكم فإن ضلال النبي مستمر الانتفاء فلا يعلق على أمر مستقبل. قوله: (فلا يمكن تسببهما عن أمر مستقبل) أي: فلا يصلحان جواباً للشرط بخلاف جواب القسم في الحال فيصلح أن يكون جواباً في المعنى للشرط. قوله: (والثاني إن جواب) أي: القدر في الآيتين حيث قيل إن التقدير إذا يغشى الليل وإذا هوى النجم أقسمت خبري لما قدمه من أن الإنشاء لا يقبل التعليق، وقوله فلا يدل عليه الإنشاء أي وهو أقسم الذي تعلق به حرف القسم. قوله: (إن الجواب خبري) أي: أن شأن جواب إذا أن يكون خبرياً محتملاً للوقوع وعدمه، وقوله فلا يدل عليه الإنشاء أي وهو ما قبل إذا وهو أقسم بالليل مثلاً الذي هو واقع ولا بد.