حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثاني: التعدية

صفحة 275 - الجزء 1

  إلا أنَّ «مررتُ به» أكثر، فكان أولى بتقديره أصلاً، ويتخرج على هذا الخِلافِ خلاف في المُقَدَّر في قوله [من الوافر]:

  ١٤٣ - تَمُرُون الدِّيارَ وَلَمْ تَعُوجُوا ... [كَلامُكُمُ عَلَيَّ إِذا حَرَامُ]

  أهو الباء أو على؟

  الثاني: التعدية، وتُسَمَّى باء النقل أيضاً، وهي المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولاً، وأكثر ما تُعَدِّي الفعْلَ القاصر، تقول في «ذهب زيد»: «ذهبتُ بزيد»،


  حال قوله: (إلا إن مررت به أكثر) أي: استعمالاً وهذا استدراك على الحال. قوله: (إلا إن مررت به) استثناء منقطع قوله: (بتقديره أصلاً) أي: فيحمل الكلام على الإلصاق المجازي ولا نحمله على الاستعلاء المجازي. قوله: (بتقديره أصلا) يعني مستقلاً بذاته غير راجع لمعنى على بل يخرج على الإلصاق المجازي ولا يلزم من ذلك أن على فرع على الباء كما فهم الشارح حيث قال قوله فكان أولى بتقديره أصلاً أي من مررت عليه الذي ليس بمثابة ذلك في الكثرة، وهذا يقتضي أن على في مررت عليه تجعل بمعنى الباء وفيه نظر إذ لا داعي في إخراج حرف عن حقيقته وحمله على حرف آخر في معنى ليس حقيقاً له. قوله: (وتسمى) أي باء التعدية باء النقل أي فالمراد بالتعدية النقل، وقوله: وهي المعاقبة الخ يشير إلى أنها تعدية خاصة وهي تصيير الفاعل مفعولاً وهي مختصة بالباء، وأما التعدية بمعنى إيصال معنى العامل إلى المجرور على المعنى الذي يقتضيه الحرف فليست خاصة بالباء بل عامة في حروف الجر الأصلية اهـ تقرير دردير. قوله: (المعاقبة للهمزة) أي: المناوبة لها فإذا وجدت إحداهما لم توجد الأخرى كما هو شان المتناوبين قوله: (في تصيير الفاعل الخ) فسرها بذلك ليعلم أن مراده بالتعدية هنا أن يضمن الفعل معنى التصيير تقول ذهبت بزيد أي صيرته ذاهباً، ومعنى ذهب الله بنورهم الله نورهم ذاهباً والأصل ذهب نورهم فنورهم فاعل ذهب، فإذا أريد إدخال الباء صيرت النور الذي هو فاعل مفعولاً لكون الذهاب فعلاً لفاعل آخر. قوله: (ما تعدى) أي: ما تعديه فحذف العائد وما عبارة عن الأفعال أي وأكثر الأفعال التي تعديها الباء الفعل القاصر.


١٤٣ - التخريج: البيت لجرير في (ديوانه ص ٢٧٨؛ والأغاني ٢/ ١٧٩؛ وتخليص الشواهد ص ٥٠٣؛ وخزانة الأدب ٩/ ١١٨، ١١٩، ١٢١، والدرر ٥/ ١٨٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣١١؛ ولسان العرب ٥/ ١٦٥ (مرر)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٦٠؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ١٤٥، ٨/ ٢٥٢؛ وخزانة الأدب ٧/ ١٥٨؛ ورصف المباني ص ٢٤٧؛ وشرح المفصل ٨/ ٨، ٩/ ١٠٣؛ ٢/ ٤٧٣؛ والمقرب ١/ ١١٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ٨٣).

اللغة: عاج: مال، أو أقام.

المعنى: يقول الشاعر لأصحابه إذا مروا بديار الحبيبة ولم يميلوا فإنّه سيقطع علاقته بهم، ولن يكلمهم بعد ذلك.