حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثاني: التعدية

صفحة 276 - الجزء 1

  و «أَذْهَبْتُهُ»، ومنه: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}⁣[البقرة: ١٧]، وقُرئ {أذهَبَ اللَّهُ نُورَهم}، وهي بمعنى القراءة المشهورة، وقولُ المبرد والسهيلي «إن بين التعديتين فرقاً، وإنك إذا قلت: «ذهبت بزيد» كنت مُصَاحباً له في الذهاب» مَرْدُود بالآية، وأما قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ}⁣[البقرة: ٢٠] فيحتمل أن الفاعل ضمير البرق.

  ولأن الهمزة والباء متعاقبتان لم يجز «أقمتُ بزيد»، وأما {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}⁣[المؤمنون: ٢٠] فيمن ضمّ أوّله وكسر ثالثه فخرج على زيادة الباء، أو على أنها للمصاحبة، فالظرف حال من الفاعل أي مصاحبة للذهن أو المفعول، أي: تنبت الثمر مصاحباً للدهن، أو أن «أنْبَت» يأتي بمعنى «نبت»، كقول زهير [من الطويل]:


  قوله: (وقرئ أذهب الله) أي: فقد عاقبت الهمزة الباء قوله: (إن بين التعديتين) أي: تعدية باء النقل وتعدية الهمزة قوله: (مصاحباً له في الذهاب) أي: بخلاف ما إذا قلت أذهبت زيداً فإنه لا شعار له بهذا المعنى إذ معناه صيرته قوله: (مردود بالآية) وهي ذهب الله بنورهم لأنه يستحيل أن يكون المولى مصاحباً لنورهم في الذهاب بحيث يذهب مع النور. قوله: (وأما قوله تعالى الخ) جواب عما يقال هل يصح الرد على المبرد والسهيلي بقوله تعالى، ولو شاء الله الخ وحاصل الجواب لا يصح ذلك لأنه يحتمل أن فاعل ذهب عائد على البرق فلا يصح الرد لأن البرق لا يستحيل ذهابه مع السمع والبصر أي ويحتمل عوده على الله. قوله: (فيحتمل) دليل على الجواب المحذوف أي فلا يصح الرد بها لاحتمال الخ: قوله: (إن الفاعل) أي: والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال. قوله (ضمير البرق) أي: فلا يكون فيه رد على السهيلي أي ويحتمل عوده على الله فيكون فيه رد. قوله: (ولأن الهمزة) علة مقدمة على المعلول أي لم يجز أقمت بزيد لكون الهمزة والياء متعاقبين. قوله: (ولأن الهمزة) أي: ولأجل أن الهمزة. قوله: (لم يجز أقمت بزيد) أي: بل يقال أقمت زيداً وقمت بزيد قوله: (وأما تنبت بالدهن الخ) لما كان هنا مظنة سؤال تقديره أن يقال لا شك أن نبت لازم يقال نبت الزرع فيُعدى بالهمزة فيقال أنبته الله ومع ذلك اجتمع الحرفان المعديان في قوله تعالى {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}⁣[المؤمنون: ٢٠] إذ هو في قراءة من جعله من الرباعي مضارع أنبت المتعدي بالهمزة ملحوظة فيه، وقد جمع بينها وبين الباء في قوله بالدهن فكيف بقول لا يصح الجمع بينهما، وأجاب المصنف عنه بثلاثة أجوبة أشار لها بقوله فخرج الخ.

  قوله: (فيمن ضم أوله) وهو ابن كثير وأبو عمرو. قوله: (أو على إنها) أي: الباء للمصاحبة أي وليست باء التعدية. قوله: (فالظرف) أي: وهو بالدهن. قوله: (حال الفاعل) أي: في تنبت العائد على الشجرة. قوله: (أو المفعول) أي: المحذوف أي تنبت الثمر حال كونه مصاحباً للدهن قوله: (بمعنى نبت) فالهمزة ليست للتعدية وحينئذ فلا