حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثالث: الاستعانة

صفحة 277 - الجزء 1

  ١٤٤ - رَأَيْتُ ذَوِي الْحَاجَاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ ... قَطِيناً لَهَا حَتَّى إِذَا أَنْبَتَ الْبَقْلُ

  ومن ورودها مع المتعدي قوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}⁣[البقرة: ٢٥١] و «صَكَكْتُ الحَجَرَ بالحَجَرِ»، والأصل: دفع بعض الناس بعضاً، وصك الحجر الحجر.

  الثالث: الاستعانة، وهي الداخلة على آلة الفعل، نحو «كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ»، و «نَجَرْتُ بِالْقَدُومِ». قيل: ومنه باء البسملة، لأن الفعل لا يتأتى على الوجه الأكمل إلا بها.


  يضر اجتماعها مع الباء قوله: (قطيناً) القطين من قطن بالمكان إذا أقام به أي مقيمين لأجلهم يستوي فيه الواحد وغيره وقوله أتيت البقل أي حتى إذا نبت. قوله: (حتى إذا أنبت البقل) أي: فإذا نبت وحصل الخصب انصرفوا يصفهم بالكرم وقوله: رأيت بفتح التاء جواب إذا في البيت قبله وهو:

  إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت ... ونال كرام المال في الحجرة الأكل

  رأيت الخ. قوله: (من ورودها) أي باء التعدية وهو مقابل قوله وأكثر ما تعدى الفعل القاصر. قوله: (مع المتعدي) أي: مع الفعل المتعدي لمفعول واحد فتصير الفاعل مفعولاً ثانياً. قوله: (دفع الله) أي: فله بحسب الأصل مفعول واحد فعدته لمفعول ثان. قوله: (دفع الله الناس) الناس مفعول وبعضهم بدل وهو المنظور له. قوله: (دفع الله الناس بعضهم ببعض وصككت بالحجر) أي: فكل من دفع وصك متعدٍ قبل دخول الباء لواحد لأنا الخ. قوله: (والأصل) أي: قبل دخول الباء التي للتعدية. قوله: (دفع بعض الناس بعضاً) بتقديم الفاعل قال دفع بعض الناس بعض لكان أحسن لتكون الباء داخلة على الفاعل، وكذا في الحَجر داخلة على الفاعل، قال الشارح وقد يقال مبني هذا الاعتراض على أن مراد المصنف تصيير الفاعل بدخولها عليه مفعولا وليس بلازم بل المراد بدخولها في الكلام يصير الفاعل مفعولاً أي سواء دخلت على الفاعل أو المفعول.

  قوله: (وهي الداخلة) على آلة الفعل وهي الواسطة بين الفاعل ومنفعله. قوله: (بالقدوم) بتخفيف الدال كما في «الصحاح». قوله: (قيل ومنه باء البسملة) وقيل إنها


١٤٤ - التخريج: البيت لزهير بن سلمى في ديوانه ص ١١١؛ وجمهرة اللغة ص ٢٥٧، ١٢٦٢؛ وخزانة الأدب ١/ ٥٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣١٤؛ ولسان العرب ٢/ ٩٦ (نبت)، ١٣/ ٣٤٣ (قطن)؛ والمحتسب ٢/ ٨٩.

اللغة: ذوو الحاجات الفقراء، طالبو الحاجات القطين: العبيد، والأهل. البقل: الحشائش التي تؤكل.

المعنى: رأيت الفقراء يتحلقون حول بيوتهم كعبيدهم، أو كأهلهم، حيث ينالون من كرمهم ما يحتاجونه، حتى إذا نبت البقل، وعمّت الخيرات انفض هؤلاء الفقراء، يبحثون عن أرزاقهم.