حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

خطبة المؤلف

صفحة 29 - الجزء 1

  السمة كما يقول الكوفيون، أو من السُّمُو كما يقول البصريون؟ والاحتجاج لكل من الفريقين، وترجيح الراجح من القولين، وكالكلام على ألِفِهِ، لِمَ حذفت من البسملة خطا؟ وعلى باء الجرّ ولامه، لِمَ كُسرتا لفظاً؟ وكالكلام على ألف «ذا» الإشارية، أزائدة هي كما يقول الكوفيون أم منقلبة عن ياء هي عين واللام ياء أخرى محذوفة كما يقول البصريون؟ والعجب من مكي بن أبي طالب إذ أوردَ مثل هذا في كتابه الموضوع لبيان مشكل الإعراب، مع أن هذا ليس من الإعراب في شيء، وبعضهم إذا ذكر الكلمة ذكر تكسيرها وتصغيرها، وتأنيثها وتذكيرها، وما ورد فيها من اللغات، وما روي من القراآت وإن لم يَنْبَنِ على ذلك شيء من الإعراب.


  وخروج عن الموضوع، وإن كان فيه فائدة قوله: (كالكلام)، أي: كإيراد الكلام، وقوله: اسم أي هذا اللفظ، وقوله أهو حال من اسم أي حال كونه مقولاً في السؤال عنه أهو الخ. قوله: (من السمة) أي: العلامة وأصلها وسم حذفت الفاء وهي الواو وعوض عنها التاء. قوله: (من السمو) أي: العلو أي: فأصله سمو فهو من قبيل المحذوف لامه اعتباطاً وقوله: البصريون نسبة للبصرة مثلثة الباء والنسبة إليها بكسر الباء وفتحها ولا يجوز ضمها؛ لأن النسب سماعي.

  قوله: (والاحتجاج الخ) حاصل ما احتج به الكوفيون ترجح باعتبار المعنى، فإن كون الاسم علامة على المسمى يعرف بها أظهر من كونه رفعة للمسمى، وإن كان يمكن أن يؤول رفعة المسمى، بأن المراد رفعه وإظهاره عن غيره فرجع إلى الأول وترجح قول البصريين باعتبار اللفظ ما سمع في الجمع أسماء وأسام وأصل أسماء أسماً، وأصل أسام أسامي وأسامي أصلها أسامو وفي التصغير سمي لا وسيم وأصل سمى سميو وجاء في الاسم لغة سمي كهدي، فهل ذلك يشهد لكونه من السمو وادعاء القلب في الجميع بعيد. قوله: (وكالكلام) أي: وكإيراد الكلام على ألف اسم حال كونها مقولاً في السؤال عنه ما لم حذفت وجوابه إنما حذفت للتخفيف ولو في اللفظ وقد دل عليها في الخط بتطويل الباء في بسم. قوله: (خطا) أي: لم حذف خطها أي صورتها التي تكتب بها فهو تمييز محول عن النسبة الواقعة في جملة حذفت. قوله: (لم كسرتا) أي: مقولاً في السؤال عنهما لم كسرتا وجوابه قصد موافقة حركتهما أثرهما عنا شيء عنهما وقوله لم كسرتا لفظاً، أي: لم كسر لفظهما فهو تمييز. قوله: (من مكي بن أبي طالب) هو قيرواني توجه لقرطبة، وأخذ العلم بها وأتى مصر مراراً، وكان من الأفاضل في النحو والقراءات. قوله: (مع أن هذا ليس من الإعراب) أي: فضلاً عن كونه مشكلاً، وقوله من الإعراب حال من شيء، أي ليس ما ذكر في شيء حال كونه من الإعراب، وفي زائدة أي: ليس شيئاً. قوله: (إذا ذكر الكلمة) أي: القرآنية. قوله: (ذكر تكسيرها)، أي: جمع تكسير.

  قوله: (وإن لم ينبني على ذلك شيء من الإعراب) أي: وذلك كله تطويل لا يحصل