· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  ولا يجوز «سِرْت البارحَةَ حتَّى ثُلُثِها أو نِصْفِهَا»، كذا قال المغاربة وغيرهم. وتوهّم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزمخشري، واعترض عليه بقوله [من الخفيف]:
  ١٨٧ - عَيَّنَتْ لَيْلَةً، فَمَا زِلْتُ حَتَّى ... نِصْفِهَا رَاجِياً، فَعُدْتُ يَؤُوسَا
  وهذا ليس محلَّ الاشتراط؛ إذ لم يقل: فما زلتُ في تلك الليلة حتى نضفها، وإن كان المعنى عليه، ولكنَّه لم يصرح به.
  الثاني: أنها إذا لم يكن معها قرينة تقتضي دخول ما بعدها كما في قوله [من الكامل]:
  الفجر ليس جزءاً أخيراً من الليل وإنما هو ملاق لآخر جزء منه. قوله: (حتى) أي: إلى وقوله مطلع الفجر أي وقت طلوع الفجر قوله: (حتى ثلثيها) في بعض النسخ ثلثها بالإفراد وعدم الجواز؛ لأن الثلث أو الثلثين أو النصف ليس جزءاً أخيراً من الليلة ولا ملاقياً لآخر جزء منها، والبارحة أقرب ليلة مضت اهـ دماميني قوله: (كذا) أي: اشتراط كون المجرور آخراً أو ملاقياً للآخر قاله المغاربة وقوله إن ذلك أي الذي قال به المغاربة وغيرهم من أن مجرورها لا بد أن يكون آخر جزء أو ملاقياً لآخر جزء. قوله: (واعترض) أي: ابن مالك عليه قوله: (عينت ليلة الخ) قبله:
  إن سلمي من بعد بأسي همت ... بوصال لوصح لم يبق بؤسا
  قوله: (حتى نصفها) أي: إلى نصفها وراجعاً خبر زلت قوله: (نصفها الخ) أي: فقد جرت النصف وهو ليس آخراً ولا متصلاً بالآخر، وقوله وهذا الخ جواب عن اعتراض ابن مالك. قوله: (وهذا) أي: البيت ليس محل الخ أي ليس فيه قبل حتى محل الاشتراط وقوله: محل الاشتراط أي وهو سبقها بذي أجزاء وهنا لم يصرح بذي الأجزاء قبل حتى، وإن كان المعنى عليه قوله: (إذ لم يقل) أي: الشاعر. قوله: (وإن كان المعنى الخ) اعترض بأنه إذا كان المعنى عليه فهو ملحوظ به، وفي حكم المنوط به ولا أثر لخصوص النطق به اعتراض ابن مالك وأيضاً على جوابه يقتضي التفصيل بين المصرح وغيره مع إنه لم يفصل أولاً قوله: (ولكنه) أي: الشاعر قوله: (الثاني) أي: من أمور التي تخالف حتى إلى فيها. قوله: (إنها) أي: حتى. قوله: (دخول ما بعدها) أي: فيما قبلها وقوله كما في قول متعلق يقتضي.
١٨٧ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الجنى الداني ص ٥٤٤؛ والدرر ٤/ ١٠٩؛ وشرح التصريح ٢/ ١٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٠؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٢٦٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢٣).
اللغة: عيّنت: حدّدت ليلة بعينها. راجياً: عندي أمل.
المعنى: لقد حددت لي ليلة لتواصلني، فجئت وانتظرت حتى مضى نصف هذه الليلة راجياً مجيئها، ثم عدت يائساً من وصالها ومحبتها.