حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان

صفحة 339 - الجزء 1

  حَمْلاً على الغالب في البابين، هذا هو الصحيح في البابين، وزعم الشيخ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول «ما» بعد «حتى»، وليس كذلك، بل الخلاف فيها مشهور، وإنما الاتفاقُ في «حتى» العاطفة، لا الخافضة والفرق أن العاطفة بمعنى الواو.

  والثالث: أن كلا منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للآخر.

  فمما انفردت به «إلى» أنه يجوز: «كَتَبْتَ إلى زيدٍ وأنا إلى عمرو»، أي: هو غايتي، كما جاء في الحديث: «أَنَا بِكَ وإلَيْكَ»، و «سِرْتُ من البصرة إلى الكوفة»؛ ولا يجوز: حتى زيد وحتى عمرو، وحتى الكوفة، أما الأوَّلان فلأن «حتى» موضوعة لإفادة تقضي الفعل قبلها شيئاً فشيئاً إلى الغاية، و «إلى» ليست كذلك. وأما الثالث


  قوله: (حملاً على الغالب) أي: عند العرب وقوله في البابين أي حتى وإلى. قوله: (هذا) أي: الدخول في حتى وعدمه في إلى عند عدم القرينة قوله: (هو الصحيح في البابين) أي: خلافاً لمن قال بالدخول فيهما ولمن بعدمه فيهما. قوله: (شهاب الدين) أشار بهذا إلى أن اسمه أحمد؛ لأن هذه كنية لمن اسمه أحمد وهو تلميذ العز بن عبد السلام الشافعي وهو تلميذ أبي الحسن الشاذلي اهـ تقرير دردير، والقرافي هو الإمام أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي البنسي أصلاً المصري مولداً وسكناً توفي بدير الطين ودفن بالقرافة قيل سبب نسبته للقرافة أنه كان يأتي للدرس من جهتها. قوله: (خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى) أي: والخلاف إنما هو فيما بعد إلى قوله: (بل الخلاف فيها) أي: الخافضة مشهور فمن الناس من يقول أن مذهب أكثر النحاة أن ما بعده حتى ليس بداخل فيما قبلها كما في إلى نقله صاحب الكشف من الحنفية وذكر إنه ابن جنى وإليه كان يميل أبو نصر الصفار والبزدوي. قوله: (بمعنى الواو) أي: فيتعين دخول ما بعدها فيما قبلها ولا يتأتى قول بخروجه لأنها من الحرف المشركة أي، وأما الجارة فهي بمعنى إلى وهي وفيها الخلاف قوله: (والثالث) من الأمور التي تخالف حتى إلى فيها. قوله: (فمما انفردت به إلى) حاصله أنها تختص بالمحل الذي لا ينقضي فيه الفعل شيئاً فشيئاً كما في المثال الأول أو تكون من الابتداء قبل إلى قوله: (وأنا إلى عمرو) أي: منته إلى عمرو فهو غايتي لا أتوجه إلى غيره قوله: (أنا بك) أي: متوثق بك ومنته إليك. قوله: (ولا يجوز) أي: في المثال الأول بحيث يقال كتبت حتى زيد. قوله: (وحتى عمرو) أي: ولا يجوز في المثال الثاني بحيث يقال أنا حتى عمرو. قوله: (وحتى الكوفة) أي: ولا يجوز في المثال الثالث أن يقال سرت من البصرة حتى الكوفة. قوله: (أما الأولان) أي: أما وجه امتناع الأولين وهما كتبت حتى زيد وأنا حتى عمرو. قوله: (إلى الغاية) أي: وليس ما قبل حتى في هذين المثالين مقصوداً به التقضي شيئاً فشيئاً، وحينئذ فلا وجه لدخولها فيهما. قوله: (وإلى ليست كذلك) أي: ليست موضوعة لتقضي الفعل شيئاً فشيئاً موضوعة لانتهاء الغاية فجاز دخولها فيهما لانتفاء المانع. قوله: (وأما الثالث)