· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  ومن العرب من يَعْرِب «حيثُ»، وقراءة من قرأ {مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ١٨٢}[الأعراف: ١٨٢] بالكسر تحتملها وتحتمل لغة البناء على الكسر.
  وهي للمكان اتفاقاً، قال الأخفش: وقد ترد للزمان، والغالب كونها في محل نصب على الظرفية أو خفض بـ «مِنْ»، وقد تخفض بغيرها كقوله [من الطويل]:
  ١٩٩ - فَشَدَّ، وَلَمْ يُنْظِرْ بُيُوتاً كَثِيرَةٌ، ... لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ
  وقد تقع «حيث» مفعولاً به وفاقاً للفارسي، وحمل عليه: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤] إذ المعنى أنه تعالى يعلمُ نفس المكان المستحق لوضع الرسالة فيه، لا شيئاً في المكان، وناصِبُها «يعلم» محذوفاً مدلولاً عليه بـ «أعلم»، لا بـ «أعلم» نفسه، لأن أفْعَلَ التفضيل لا ينصب المفعول به فإن أولته بـ «عالم» جاز أن
  (تحتملها) أي: لغة الإعراب قوله: (قال الأخفش الخ) واحتج له بقول الشاعر:
  للمفتي عقل يعيش به ... حيث تهدي ساقه قدمه
  أي: في زمن الهداية ولا حجة له فيه لاحتمال المكان. قوله: (في محل نصب) نحو فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم قوله: (أو خفض بمن) نحو من حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام. قوله: (وقد تخفض) أي: تكون في محل خفض بغير من بقلة. قوله: (أم قشعم) يطلق على الحرب والمنية والداهية. قوله: (نفس المكان) أي: هو ذات النبي. قوله: (لا شيئاً الخ) مصدوق حيث الذكاء والفطنة والأولى جعل حيث مناظر فيه ولا تجعل خارجة عن معناها الأصلي ويراد بالشيء ما قلنا، وإن كان يلزم عليه حذف الفعل والموصول لأن المعنى الله أعلم يعلم الفضل الذي هو في المكان، وإن كان جعلها مفعولاً أقرب لأنه يلزم على هذا حذف المفعول والموصول الذي هو صفته وبعض الصلة. قوله: (لا شيئاً الخ) هذا المعنى على جعلها ظرف مكان وهناك عليه معنى آخر وهو فاسد وهو أن المعنى الله أعلم في المكان ووجه فساده إيهامه اقتضاء أنه تعالى أعلم حال كونه في المكان أكثر من كونه يعلم في غير المكان اهـ تقرير دردير. قوله: (وناصبها) أي: في الآية على جعلها مفعولاً به قوله: (لا بأعلم نفسه) عطف على المعنى
١٩٩ - التخريج: البيت الزهير بن أبي سلمى في (ديوانه ص ٢٢؛ وخزانة الأدب ٣/ ١٥، ٧/ ٨، ٩، ١٣، ١٧؛ والدرر ٣/ ١٢٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٨٤؛ ولسان العرب ١٢/ ٤٨٥ (قشعم)؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ٢١٢).
اللغة: فشد: فحمل على أعدائه يحاربهم. لم ينظر: لم يمهل. عجل. الرحل: ما يوضع على الناقة لتركب. أم قشعم: كنية المنية أو الداهية.
المعنى: فهاجم أعداءه، ولم يمهل بيوتاً كثيرة منهم، حيث كانت المنايا أو الدواهي تترصده، أي لم يهب الأخطار وهاجم عدوّه حيث كان.