حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الباب الأول في تفسير المفردات، وذكر أحكامها

صفحة 40 - الجزء 1

  #: «وإِنْ زَنَى وإِنْ سَرَقَ؟» فقال: «وإن زنى وإن سرق».

  والثاني: أنها تَرِدُ لطلب التَّصَوُّر، نحو: «أزيد قائم أم عمرو»، ولطلب التصديق، نحو: «أَزَيْدٌ قائم؟». و «هَلْ» مختصَّةٌ بطلب التصديق، نحو: «هل قام زيد». وبقية الأدوات مختصة بطلب التصورِ، نحو: «مَنْ جَاءَك»؟ و «ما صَنَعت»؟ و «كَمْ مَالُكَ»؟ و «أين بَيْتُكَ»؟ و «مَتَى سَفَرُكَ»؟.

  الثالث: أنها تدخل على الإثبات كما تقدم، وعلى النفي نحو: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١}⁣[الشرح: ١]، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ}⁣[آل عمران: ١٦٥]، وقوله [من البسيط]:

  ١٠ - أَلَا اصْطِبَارَ لِسَلْمَى أَمْ لَهَا جَلَدٌ ... إِذَا أُلاقي الذي لاقاه أمثالي؟


  لما كانت ليست نصاً في المراد لم يقدم هذه الآية عند أصل الدعوة أي عند قوله: سواء تقدمت على أم وأخر الحديث وهو قوله، وإن زنى الخ لاحتمال أن الهمزة حذفت مدخولها، وإن الأصل أيدخل الجنة، وإن زنى الخ فطرقه الاحتمال والشاهد إذا طرقه الاحتمال لا يصلح الاستدلال به، فلذا أخره ولم يقدمه عند أصل الدعوة. قوله: (وإن زنى) أي: فالأصل أو إن زنى الخ. قوله: (لطلب التصور) أي: لسؤال إدراك غير النسبة. قوله: (نحو أزيد قائم أم عمرو) أي فالمسؤول عنه غير النسبة كذا قالوا، وفيه أن كلاً من زيد وعمرو معلوم من قبل السؤال والجواب لا يفيدك شيئاً منهما وإنما يفيدك ثبوت القيام لأحدهما والسؤال، وإنما هو عن النسبة لأحدهما على التعيين أي: فأنت حاصل عندك من قبل تصديق مجمل وهو وقوع النسبة لكن لم تعلم حصلت لزيد أو لعمرو فتسأل عنها لمن حصلت له والفرض أنك عالم بذات زيد وعمرو فهي حينئذ لطلب تصديق خاص لتعلقه بخاص وهو ثبوت النسبة لأحدهما بالخصوص، فعندنا تصديقان تصديق مجمل وهو ما كان حاصلاً له من قبل السؤال، وهو وقوع نسبة مبهمة وبعد الجواب حصل تصديق خاص وهو تعلق النسبة بفلان بخصوصه والجواب أنه لما حصلت تلك النسبة المخصوصة في العلم حكم بأن المطلوب هو تصور أحد الطرفين على التعيين وفي طلب التصديق لم يعلم وقوع النسبة، وإن علم طرفاها فالمجهول فيه وقوع النسبة فهو المسؤول عنه.

  قوله: (كما تقدم) أي: نحو أزيد قائم أم عمرو قوله: (أو لما أصابتكم الخ)


١٠ - التخريج: البيت لقيس بن الملوّح في (ديوانه ص ١٧٨؛ وجواهر الأدب ص ٢٤٥؛ والدرر ٢/ ٢٢٩؛ وشرح التصريح ١/ ٢٤٤؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٢؛ ٢١٣؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٢٥٨؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤١٥؛ والجنى الداني ص ٣٨٤؛ وخزانة الأدب ٤/ ٧٠؛ وشرح الأشموني ١/ ١٥٣؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٠٧؛ وشرح عمدة الحافظ ٣٢٠، ٣٨٤؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤٧).