حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: أن تكون حرف جر

صفحة 402 - الجزء 1

  بمعنى «خُذ» عند البصريين، ولأن «الْجَنَاحَ» ليس بمعنى «العصا» إلا عند الفراء وشذوذ من المفسرين.

· (عن) على ثلاثة أوجه:

  أحدها: أن تكون حرف جر، وجميع ما ذكر لها عشرة معان:

  أحدها المجاوزة ولم يذكر البصريون سواه، نحو: «سافرتُ عن البلد» و «رَغِبْتُ عن كذا»، و «رَمَيْتُ السهم عن القوس» وذُكِرَ لها في هذا المثال معنى غير هذا، وسيأتي.

  الثاني: البدل، نحو: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}⁣[محمد: ٣٨] وفي الحديث: «صُومِي عَنْ أُمِّكِ».

  الثالث: الاستعلاء، نحو: {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}⁣[القصص: ٣٢] وقول ذي الأصبع [من البسيط]:

  ٢٣٥ - لاهِ ابنُ عَمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ ... عَنِّي، وَلا أَنْتَ دَيْاني فَتَخْزُوني


  وبمعنى انتح في قولك إلى قوله: (وشذوذ من المفسرين) أي والمشهور انها بمعنى اليد؛ لأن يد الإنسان بمنزلة جناح للطائر والمعنى هنا وأدخل يمناك تحت إبط يسرك.

  (عن) قوله: (المجاوزة) وهي تعد شيء عن المجرور بها بسبب اتحاد مصدر الفعل المتعدي بها فمعنى سافرت عن البلد بعدت عن البلد بسبب السفر. قوله: (ولم يذكر البصريون سواه) أي: عادتهم لا يذكرون للحرف إلا معنى واحداً وما عداه يرتكبون فيه التضمين أو التجوز. قوله: (وذكر لها) أي: لعن في هذا المثال إلى الأخير. قوله: (معنى آخر) أي: وهو الاستعانة وسيأتي ذلك عن ابن مالك قوله: (عن أنس) أي: بدل نفس. قوله: (صومي عن أمك) أي: بدلها ويمكن أن تكون متعلقة بمحذوف أي نيابة عن أمك فحينئذ لا شاهد فيه قوله: (فإنما يبخل عن نفسه) أي: على نفسه ويحتمل التضمين، أي: فإنما يبعد الخير عن نفسه بالبخل في الشرع منع الواجب وعند العرب منع السائل مما يفضل عنده كما في «المصباح». قوله: (ذي الأصبع) هو مرثان العدواني لقب بذلك؛ لأن أفعى ضربت إبهام رجله فيبست أو قطعها فارسي جاهلي قديم أحد حكماء الشعراء. قوله: (لاه ابن عمك) أصله الله در ابن عمك فحذفت اللامان الجارة والأخرى شذوذاً وحذف


٢٣٥ - التخريج: البيت لذي الإصبع العدواني في (أدب الكاتب ص ٥١٣؛ والأزهية ص ٢٧٩؛ وإصلاح المنطق ص ٣٧٣؛ والأغاني ٣/ ١٠٨؛ وأمالي المرتضى ١/ ٢٥٢؛ وجمهرة اللغة ص؛ ٥٩٦؛ وخزانة الأدب، ٧/ ١٧٣، ١٧٧، ١٨٤، ١٨٦؛ والدرر ٤/ ١٤٣؛ وسمط اللآلي ص ٢٨٩؛ وشرح التصريح ٢/ ١٥؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٣٠؛ ولسان العرب ٥٢٥/ ١١ (فضل)، ١٣/ =