حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الباب الأول في تفسير المفردات، وذكر أحكامها

صفحة 41 - الجزء 1

  ذكره بعضُهم، وهو مُنتَقِض بـ «أَمْ»؛ فإنها تشاركها في ذلك، تقول: «أقام زيد أم لم يقم»؟

  الرابع: تمام التصدير، بدليلين:

  أحدهما: أنَّها لا تُذكر بَعْد «أم» التي للإضراب كما يُذكر غيرها، لا تقولُ: «أقامَ زيد أم أقعد»، وتقول: «أم هل قعد».

  والثاني: أنها إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بـ «ثم» قدمت على العاطف تنبيهاً على أصالتها في التصدير، نحو: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا}⁣[الأعراف: ١٨٥] {أَفَلَمْ يَسِيرُوا}⁣[يوسف: ١٠٩ وغيرها] {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ}⁣[يونس: ٥١] وأخواتها تتأخر عن حروف العطف كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة، نحو: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ}⁣[آل عمران: ١٠١]، {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ٢٦}⁣[التكوير: ٢٦]، {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ٩٥}⁣[الأنعام: ٩٥ وغيرها]، {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ٣٥}⁣[الأحقاف: ٣٥]، {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ}⁣[الأنعام: ٨١]، {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}⁣[النساء: ٨٨]. هذا مذهب سيبويه والجمهور، وخالفهم جماعة


  اعترض بأن لما في الآية وجودية لأنها بمعنى حين والمعنى أقلتم كذا حين أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها، فإن قلت الاستفهام هنا للإنكار وهو في معنى النفي فالهمزة داخلة على منفي معنى لا صورة فصح التمثيل، قلت هذا لا يصح؛ لأن الإنكار في هذه الآية توبيخي لا إيطالي فما بعده ليس منفياً لا صورة ولا معنى بل متحقق الثبوت، ولذلك تعلق التوبيخ بوجوده. قوله: (ذكره) أي: هذا الحكم الثالث بعضهم. قوله: (بأم) أي المنقطعة وهذا بناء على القول بأن أم للاستفهام والحق أنها ليست للاستفهام، وأن الاستفهام الذي يوجد معها في بعض الأحوال من المقدر لا منها. قوله: (فإنها) أي أم تشاركها أي الهمزة، وقوله في ذلك أي في ذلك الحكم وهو الدخول على الإثبات تارة وعلى النفي أخرى.

  قوله: (تمام التصدير) أي: التصدير التام بحيث لا تنفك عنه أصلاً. قوله: (بعد أم التي للإضراب) إن سلم هذا فيتجه الفرق بين أم الإضرابية وبين بل التي بمعناها فقد قرئ بل أأدرك علمهم اهـ تقرير دردير قوله: (أولم ينظروا الخ) أي: فالأصل وألم ينظروا أو في الثاني فألم يسيروا في الثالث، ثم إذا فهذه الجملة في الأصل معطوفة على الجملة السابقة والعاطف مقدم على تلك الهمزة لكن لما كان لها تمام التصدير قدمت للتنبيه على ذلك. قوله: (وأخواتها) أي: الهمزة وقوله تتأخرن الأفصح يتأخرن؛ لأن الأخوات جمع قلة


= شرح المفردات: الاصطبار: الصبر. الجلد: الصبر.

المعنى: يقول: إن فقدت سلمى الصبر والجلد فإنّي ألاقي مصير من هم أمثالي.