حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيهان

صفحة 436 - الجزء 1

  وذلك لأنه في معنى النفي، والوصْفُ بعده مخفوض لفظاً وهو في قوة المرفوع بالابتداء، فكأنه قيل: ما مأسوف على زمن ينقضي مصاحباً للهم والحزن، فهو نظير «ما مضروب الزيدانِ»، والنائب عن الفاعل والظرفُ قاله ابن الشجري وتبعه ابن مالك.

  والثاني: أن «غير» خبرٌ مقدَّم، والأصل زَمَنْ ينقضي بالهم والحزن غير مأسوف عليه، ثم قدمت «غير» وما بعدها، ثم حذف «زمن» دون صفته، فعاد الضمير المجرور بـ «على» على غير مذكور فأُتِي بالاسم الظاهر مكانه، قاله ابن جني، وتبعه ابن الحاجب.

  فإن قيل: فيه حذف الموصوف مع أن الصفة غير مفردة وهو في مثل هذا ممتنع.

  قلنا: في النثر، وهذا شعر فيجوز فيه، كقوله [من الوافر]:

  ٢٦٣ - أَنَا ابْنُ جَلا وَطَلَاعُ الثنايا ... [مَتى أَضَعِ الْعِمَامَةَ تَعْرفُونِي]


  قوله: (لأنه) أي: غير وقوله والوصف، أي: الواقع بعده وقوله مخفوض أي: بإضافة غير إليه قوله: (في قوة المرفوع بالابتداء) أي: فحركة الرفع التي على غير هي التي يستحقها هذا الاسم بالأصالة لكنه لما كان مشغولاً بحركة الجر لأجل الإضافة جعلت حركته التي كانت له بطريق الأصالة من حيث هو مبتدأ على غير بطريق العارية. قوله: (والحزن) مرادف للهم قوله: (ثم حذف الخ) فإعرابه حينئذ ينقضي صفة لموصوف محذوف مبتدأ وغير خبر. قوله: (فأتى بالاسم الظاهر مكانه الخ) فإن قلت: يلزم على هذا الإعراب محذور وهو نيابة المجرور عن الفاعل مع كونه غير مختص فهو كقولك مر برجل وهو ممنوع، قلت: المجرر هنا قائم مقام ضمير يعود على زمن موصوف بأنه ينقضي بالهم والحزن، ولا شك أن مفاد هذا الضمير مختص فكذا ما قام مقامه فهو مختص معنى. قوله: (وهو) أي: حذف الموصوف في مثل هذا أي إذا كانت الصفة جملة والموصول ليس بعض اسم مجرور بمن أو بقي ممتنع أي: لأن الموصوف هنا ليس بعض اسم مجرور بمن أو في حتى يصح حذف الموصوف بالجملة مع بقاء الصفة. قوله: (قلنا الخ) أي: قلنا إن المنع عند فقد الشرط في النثر وهذا الذي وقع الكلام فيه شعر فيجوز فيه.

  قوله: (أي أنا ابن رجل الخ) أي: فكل من جلا وكان جملة صفة لمحذوف وليس


٢٦٣ - التخريج: البيت السحيم بن وثيل في (الاشتقاق ص ٢٢٤؛ والأصمعيات ص ١٧؛ وجمهرة اللغة ص ٤٩٥، ١٠٤٤؛ وخزانة الأدب ١/ ٢٥٥، ٢٥٧، ٢٦٦؛ والدرر ١/ ٩٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٥٩؛ وشرح المفصل ٣/ ٦٣؛ والشعر والشعراء ٢/ ٦٤٧؛ والكتاب ٣/ ٢٠٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٥٦؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٣١٤؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٤٥٦؛ =