حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفاء المفردة

صفحة 441 - الجزء 1

  ٢٦٦ - [قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ ... بِسِقْطِ اللوَى] بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

  وقولهم: «مُطِرْنَا مَكَانَ كَذَا فمَكان كَذا»، وإن كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد.

  ألا الأمر الثاني: التعقيب، وهو في كل شيء بِحَسَبِهِ، تري أنه يقال «تَزَوَّجَ فلانٌ فَوُلِدَ لَهُ»، إذا لم يكن بينهما إلا مُدَّة الحمل، وإن كانت مُتطاولة، و «دَخَلْتُ البَصْرَة


  ولا في الأمكنة باعتبار نزول الأمطار فيها. قوله: (فحومل) أي: فليست الفاء للترتيب؛ لأنه ينحل المعنى نبكي بين الدخول ثم بعد ذلك نبكي بين حومل وهو غير صحيح؛ لأن بين لا تضاف إلا لمتعدد فتعين أنها بمعنى الواو أي بين هذين المكانين فهذا مثال للمكان المجرد.

  قوله: (مطرنا مكان كذا فمكان كذا) أي: فلا ترتيب بين المكانين باعتبار وقوع المطر فيهما بل هما مستويان في وقوع المطر فيهما في وقت واحد. قوله: (التعقيب) وهو توقع ما بعدها أثر ما قبلها بدون مهلة واعترض ذلك بأنها قد توجد في أماكن كثيرة لم تكن فيها للتعقيب بل إما لمجرد الترتيب كما في {فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}⁣[الحج: ٦٣] أو تكون لمجرد الجمع كما في بين الدخول فحومل، وحاصل الجواب أن تعقيب الشيء للشيء منظور فيه للعرف فقولنا في تعريف التعقيب من غير مهملة أي: توان عرفاً. قوله: (إذا لم يكن بينهما) أي: التزوج والولادة قوله (إلا مدة الحمل) أي: فالعرف يقتضي أن الولادة عقب التزويج، وأنه لا مهلة ولا تراخي بينهما حيث لم يكن بينهما إلا مدة الحمل، وإن كانت مستطيلة في نفسها وتقضي بالتراخي والمهملة إذا كان بينهما أزيد من مدة الحمل. قوله: (وإن كانت) أي: مدة الحمل متطاولة أي: طويلة في نفسها. قوله: (ودخلت البصرة الخ) أي: فالعرف يقتضي بأن دخول بغداد عقب دخول البصرة من غير


٢٦٦ - التخريج البيت لامرئ القيس في (ديوانه ص ٨؛ والأزهية ص ٢٤٤، ٢٤٥؛ وجمهرة اللغة ٥٦٧؛ والجنى الداني ص ٦٣، ٦٤؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٣٢، ٣/ ٣٣٤؛ والدرر ٦/ ٧١؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٥٠١؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٤٢؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٦٣؛ والكتاب ٥/ ٢٠٥؛ ولسان العرب ٤٢٨ (آ)؛ ومجالس ثعلب ص. ١٢٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٢٩؛ وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٦٥٦؛ وأوضح المسالك ٣/ ٣٥٩؛ وجمهرة اللغة ص ٥٨٠؛ وخزانة الأدب ١١/ ٦؛ والدرر ٦/ ٨٢؛ ورصف المباني. ص ٣٥٣؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤١٧؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٣١٦؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١١٠؛ والمنصف ١/ ٢٢٤؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣١).

اللغة وشرح المفردات: المنزل: المكان الذي ينزل فيه الأحباب السقط: منقطع الرمل. اللوى: ما التوى من الرمل واسترق منه. الدخول وحومل: مكانان.

المعنى: يخاطب الشاعر صاحبيه على عادة الجاهليين بأن يقفا ليساعداه على البكاء عند منزل حبيبته حيث كان يلقاها بين الدخول وحومل.