وَزَعَمَ الأَصمعي أن الصواب روايته بالواو، لأنه لا يجوز «جلست بين زيد فعمرو»؛ وأجيب بأن التقدير: بين مواضع الدخول فمواضعِ حَوْمَل، كما يجوز «جلست بين العلماء فالزهاد». وقال بعض البغداديين: الأصْلُ «ما بين» فحذف «ما» دون «بين»، كما عكس ذلك من قال [من البسيط]:

  ٢٦٧ - يَا أَحْسَنَ النَّاسِ مَا قَرْنا إِلى قَدَمِ ... [وَلاَ حِبَالَ مُحِب واصل تَصِلُ]

  أصله: ما بين قرن؛ فحذف «بين» وأقام قرناً مقامها ومثله: {مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}⁣[البقرة: ٢٦]. قال: والفاء نائبة عن «إلى»، ويحتاج على هذا القول إلى أن يقال: وصحت إضافة «بين» إلى «الدخول» لاشتماله على مواضع، أو لأن التقدير: بين

  قوله: (لا يجوز جلست الخ) أي: لأن بين لا تضاف إلا لمفرد إذ المعنى حينئذ جلست بين زيد وجلست بين عمرو قوله: (وأجيب) أي: عما قاله الأصمعي وهو جواب ثانٍ والأول ما مر أن الفاء مر بمعنى الواو. قوله: (بأن التقدير الخ) أي: فالكلام على حذف مضاف. قوله: (بين مواضع الدخول فمواضع حومل) أي: فقد دخلت بين على متعدد وهو مواضع الدخول قوله: (كما يجوز جلست بين العلماء) أي: جلست بين جماعة العلماء، ثم جلست بعد ذلك بين جماعة الزهاد فقد تحقق شرط إضافة بين وهو كون المضاف إليه دالاً على التعدد. إفادة أنها للترتيب. قوله: (وقال بعض الخ) هذا جواب ثان عما صوبه الأصعمعي. قوله: (ما قرنا) هو الخصلة من الشعر والمعنى يا أحسن الناس ما بين أعلاك وأسفلك، فالمراد بالقرن الأعلى والمراد بالقدم الأسفل، وعلى هذا فما تمييز لنسبة أي: أحسن، يا أحسن الناس من جهة ما بين أعلاك إلى أسفلك.

  قوله: (ما بعوضة) أي: ما بين بعوضة إلى ما فوقها قوله: (قال) أي: بعض البغداديين. قوله: (والفاء) أي: في قوله فحومل وفي قوله: فما فوقها بدليل أنه صرح بها في قوله إلى قدم قوله: (ويحتاج على هذا القول الخ) هذا من كلام المصنف تتميماً لهذا القول والظاهر أن هذا الكلام لا يحتاج لذلك التأويل؛ لأن المعنى على الابتداء والغاية فكأنه قيل من الدخول إلى حومل ومن بعوضة إلى ما فوقها من أكبر المخلوقات كالعرش وما زائدة، وإنما أتى بها لأجل أن تكون قرينة على أن الفاء بمعنى إلى وقال قوله ويحتاج على هذا الخ، وحينئذ لم يبين معنى الآية ومعنى قوله: ما قرنا مع أن البعوضة ليست متعددة والقرن ليس بمتعدد وانظره وحررها اهـ. قوله: (لاشتماله على مواضع) أي: فيراد

٢٦٧ - التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ١١/ ٧؛ والدرر ٦/ ٨٣؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٦٤.

اللغة القرن: خصلة الشعر. حبال المحب: علاقات وده المتصلة مع محبوبته.

المعنى: يا أجمل الناس في كلّ شيء ما بين شعرك إلى قدمك إلا في الحب، فإنك لا تواصلينني ولا تفين بوعودك.