الفاء المفردة
  مواضع الدخول، وكونُ الفاء للغاية بمنزلة «إلى» غريب، وقد يستأنس له عندي بمجيء عكسه في نحو قوله [من الطويل]:
  ٢٦٨ - وأَنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ شَغْبَاً إِلى بَدَا ... إِليَّ، وَأَوْطَانِي بِلادٌ سَوَاهُمَا
  إذ المعنى: شغباً فبدا وهما موضعان ويدل على إرادة الترتيب قوله بعده [من الطويل]:
  حَلَلْتِ، بهذا حَلَّةً، ثُمَّ حَلَّةَ ... بِهذا، فَطَابَ الْوَادِيانِ كِلَاهُمَا
  وهذا معنى غريب: لأني لم أرَ مَنْ ذكره.
  به الأجزاء ولا يقدر مضاف بخلاف ما بعده، ولا يخفاك أن هذا لا يتأتي في بين قرن وبين بعوضة على ما قاله من الأصل، فالأول أن ما زائدة وقرنا تمييز لنسبة أحسن، وإلى غاية لمحذوف أو غيره إلى قدم، أو أن قرنا منصوب بنزع الخافض أي: من قرن وأما الآية فما مؤكدة لعموم مثلاً وهو مفعول يضرب بعوضة عطف بيان منه أو أنهما مفعولان ليضرب لتأويله بيجعل قوله: (غريب) أي: لم يتكلم عليه أحد وليس بشائع. قوله: (بمجيء عكسه) أي: وهو استعمال إلى للعطف بمنزلة الفاء. قوله: (نحو قوله) أي: قول كثير عزة وبعد البيتين:
  إذا رفت عيناي اعتل بالقذى ... وعزة لو تدري الطبيب فذاهما
  قوله: (شغبا فبدا) أي: حببت هذين المحلين إليَّ. قوله: (موضعان) أي: شغب على وزن فلس منهل بين مصر والشام، وأما بدا على وزن عصا فموضع بين مكة والشام. قوله: (ويدل الخ) قال الشارح لا يسلم لاحتمال أن الحب لهذين البلدين في آن وان كان سكنى هاتين فيهما على الترتيب فهي سكنت الموضعين على الترتيب، ثم لما اطلع على سكناها فيهما معاً حبهما في آن واحد فالترتيب في السكنى لا يدل على الترتيب في المحبة فتكون إلى بمعنى أو متعلقة بمحذوف أي: مضموماً إلى بدا فلا ترتيب أصلاً في البيت مع الأول إذا سلمنا ان الحب مرتب على ترتيب السكني، فالبيت الثاني يدل على أن إلى بمعنى ثم لا بمعنى الفاء فلا يصح ما ادعاه المصنف اهـ تقرير دردير. قوله: (ثم حلة) في نسخة بعد حلة.
٢٦٨ - التخريج: البيت لكثير عزّة في (ديوانه ص ٣٦٣؛ وخزانة الأدب ٩/ ٤٦٢، ٤٦٤؛ والدرر ٦/ ٨٣؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٨٨؛ ولسان العرب ١٤/ ٦٨ (بدا)؛ ومعجم: استعجم ص ٢٣٠؛ ولجميل بثينة في ملحق ديوانه ص ٢٤٥؛ وديوان المعاني ١/ ٢٦٠؛ ولكثير أو لجميل في شرح شواهد المغني ١/ ٤٦٤؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ٢/ ١٣١).
اللغة: حبيته: جعلته حبيباً، صيّرته محبوباً. الشغب وبدا: موضعان.
المعنى: لقد صيّرت شغباً وبدا محبوبين إلى قلبي، وهما ليسا وطناً لي.