حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفاء المفردة

صفحة 445 - الجزء 1

  والأمر الثالث: السببية، وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة؛ فالأول نحو: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}⁣[القصص: ١٥]، ونحو: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}⁣[البقرة: ٣٧]؛ والثاني نحو: {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ٥٢ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ٥٣ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ٥٤}⁣[الواقعة: ٥٢ - ٥٤]؛ وقد تجيء في ذلك لمجرد الترتيب نحو: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ٢٦ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ}⁣[الذاريات: ٢٦ - ٢٧]، ونحو: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ}⁣[ق: ٢٢]، ونحو: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا}⁣[الذاريات: ٢٩]، ونحو: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ٢ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ٣}⁣[الصافات: ٢ - ٣].

  وقال الزمخشري: للفاء مع الصفات ثلاثة أحوال:

  أحدها: أن تدلّ على ترتيب معانيها في الوجود، كقوله [من السريع]:

  ٢٦٩ - يَا لَهْفَ زَيَّابَةَ للْحَارِثِ الصَّابحِ ... فالْغَانِمِ فالآيِبِ


  قوله: (والأمر الثالث) أي: من الأمور الثلاثة التي تفيدها الفاء العاطفة.

  قوله: (السببية) اعلم أن فاء السببية تارة تدخل على المسبب نحو زيد فاضل فأكرمه وربما قيل فيها فاء التفريع ومنها قال فاهبط منها تقديره إذا كان عندك هذا التكبر فاهبط ومن هذا القبيل الفاء الداخلة على جواب الشرط، وقد تدخل السبب فتكون بمنزلة لام التعليل نحو: {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ٧٧}⁣[ص: ٧٧ - الحجر: ٣٤]. قوله: (وقد تجيء) أي: الفاء وقوله: في ذلك أي: في العاطفة جملة وصفة. قوله: (وقد تجيء في ذلك لمجرد الترتيب) أي: للترتيب المجرد عن السببية وهذا مقابل لقوله وذلك غالب. قوله: (فقربه) عطف على فجاء قوله: (فكشفنا) عطف على قوله لقد كنت. قوله: (فصلت) عطف على فأقبلت. قوله: (ونحو فالزاجرات) مثال للصفة فإن التاليات عطف على الزاجرات وهي للترتيب. قوله: (معانيها) أي: معاني الصفات في الوجود، أي: بأن يكون معنى الصفة الثانية وهو الحدث وقع بعد مضي الصفة الأولى. قوله: (يا لهف الخ) بيت من بحر السريع وهو مدرج وشطر البيت الصاد من الصابح وزيابة بالزاي والمثناة التحتية والموحدة على صيغة المبالغة. قوله: (للحرث) هو ابن همام الشيباني. قوله: (فالغانم)


٢٦٩ - التخريج: البيت لابن زيابة في (خزانة الأدب ٥/ ١٠٧؛ والدرر ٦/ ١٦؛ وسمط اللآلي ص ٥٠٤، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٤٧؛ وشرح شواهد المغني ص ٤٦٥؛ ومعجم الشعراء ص ٢٠٨؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٦٥؛ وخزانة الأدب ١١/ ٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ١١٩).

اللغة: يا لهف: لفظ يستخدم للاستغاثة والاستنجاد؛ واللهف الحزن. زيابة: اسم أم الشاعر، وابن زيابة: كنيته، واختلف في اسمه فقيل: عمرو بن لأي، وقيل غير ذلك، وهو من بني تيم =