الفاء المفردة
  الثانية: أن تكون فعلية كالاسمية، وهي التي التي فعلها جامد، نحو: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ٣٩ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ}[الكهف: ٣٩ - ٤٠]، {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ}[البقرة: ٢٧١]، {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ٣٨}[النساء: ٣٨]، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}[آل عمران: ٢٨].
  الثالثة: أن يكون فعلها إنشائيا، نحو: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]، ونحو: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ}[الأنعام: ١٥٠]، ونحو: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ٣٠}[الملك: ٣٠]، فيه أمران: الاسمية والإنشائية، ونحو: «إن قام زيد فوالله لأقومَنَّ»، ونحو: «إنْ لم يَتُبْ فَيَا خُسْرَهُ رَجُلاً».
  والرابعة: أن يكون فعلها ماضياً لفظاً ومعنى، إما حقيقة نحو: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ}[يوسف: ٧٧]، ونحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ٢٦ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٢٧}[يوسف: ٢٦ - ٢٧]،
  لا يغفر، قلت: الشرطية لا تقضي الوقوع وعبر بها عيسى # مع علمه بعدم الغفران لغلبة تجلي الإطلاق عليه في إمكان غفرانه عقلاً قوله: (وهي التي فعلها جامد) أي: لأن أصل الجمود للأسماء وعدم تصرفها تصرف الأفعال قوله: (وهي) أي: الفعلية التي كالاسمية. قوله: (فعسى) هي جملة ماضوية فعلها جامد، وكذا فنعما هي فنعم فعل جامد وكذا ساء؛ لأنها من أخوات بئس. قوله: (فيه أمران) خبر لمحذوف أي: وهذا فيه أمران ولا يصح جعله خبراً لقوله ونحو قل أرأيتم الخ؛ لأن قوله: بعد ونحو أو قام الخ لا يناسبه. قوله: (فيه أمران) أي: موجبان للاقتران بالفاء. قوله: (ونحو ان قام زيد فوالله الخ) وما بعده من أمثلة الجوابية الثقيلة التي فعلها إنشائي لا يتحقق إلا بالنطق بداله وكذا نداء التفجع بعده قوله: (أن يكون فعلها ماضياً لفظاً. ومعنى أما حقيقية الخ) أما الماضي معنى فقط فلا يحتاج للفاء لصحته شرطاً نحو إن لم يضرب زيد لم يضرب عمرو في الحقيقة الماضي لفظا ومعنى لا يصح جواباً لعدم صحة تعليقه فالجواب في الآية محذوف أي: لا يستغرب منه؛ لأنه قد سرق أخ له وأما فصدقت فالظاهر أنه على معنى يتبين صدقها وقد قواه البيضاوي بأن أحسنت إليَّ اليوم فقد أحسنت إليك أمس، أي: إن تمنن علي بإحسانك اليوم أمنن عليك بإحساني أمس. قوله: (أما حقيقة) راجع لقوله ومعنى. قوله: (فقد سرق) أي: لأن سرقه الأخ ماضية في اللفظ والمعنى؛ لأن الواقع أنها حصلت قبل ذلك الكلام. قوله: (فصدقت) أي: فصدقها وكذبها ماض لفظاً. ومعنى قوله: (وقد) أي: التحقيقية هنا مقدرة إنما احتيج لذلك؛ لأنه لولا تقدير قد لصح أن يكون الجواب فعل الشرط فلا يقرن بالفاء فقرنه بالفاء يدل على تقدير لأجل أن لا يصح فعل الشرط فيقرن بالفاء.