حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفاء المفردة

صفحة 449 - الجزء 1

  و «قدْ» هنا مقدّرة، وإما مجازاً نحو: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}⁣[النمل: ٩٠] نزل هذا الفعل لتحقق وقوعه منزلة ما وقع.

  الخامسة: أن تقترن بحرف استقبال، نحو: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}⁣[المائدة: ٥٤]، ونحو: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ}⁣[آل عمران: ١١٥].

  السادسة: أن تقترن بحرف له الصدر، كقوله [من الوافر]:

  ٢٧٠ - فإن أهْلِك فَذِي لَهَبٍ لَظَاهُ ... عَلَيَّ تَكَادُ تَلْتَهِبُ الْتِهَابًا

  لما عرفت من أن «رُبَّ» مقدَّرة، وأنها لها الصَّدر، وإنما دخلت في نحو: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}⁣[المائدة: ٩٥] لتقدير الفعل خبراً لمحذوف؛ فالجملة اسمية.


  قوله: (وأما مجازاً) عطف على قوله أما حقيقة قوله: (نزل هذا الفعل) أي: إكباب الوجوه في النار. قوله: (لتحقق وقوعه) لكونه خبر الصادق. قوله: (منزلة ما وقع) أي: فعبر عنه بالماضي. قوله: (أن تقترن بحرف له الصدر) أي: لأن الجملة المصدرة بحرف له الصدر لا تصلح لوقوعها شرطاً فإذا دخلت الفاء جاز. قوله: (فإن أهلك الخ) هو لربيعة بن مقروم وقبله:

  أخوك أخوك من تدنو وترجو ... مودته وإن دعى استجابا

  إذا حاربت حارب من تعادي ... وزاد سلاحه منك اقترابا

  وكنت إذا قريني جاذبته ... حبالي مات أو نشع الجذابا

  قوله: (تلتهب) أي: تتقد وهو مسند لضمير المؤنث يعود للظي؛ لأنها مؤنثة فتاء المضارع فوقية قوله: (فذي لهب) وفي نسخة حنق بالنون والقاف وهو الغيظ واللظى هي النار وقوله: فذي مجرور برب أي: فرب ذي حنق وهو مبتدأ أو قوله لظاء خبر فقد وجد فيه الاسمية أيضاً، وعلى متعلق بلظى لتضمنه معنى الشدة. قوله: (لما عرفت) أو في مبحث رب من أنها تقدر بعد الفاء كما ذكره سابقاً في قوله فمثلك حبلى. قوله: (لما عرفت الخ) أي: وفيه أيضاً الاسمية لما سبق أن مجرور رب مبتدأ معنى قوله: (وإنما دخلت الخ) جواب عما يقال ان قوله فينتقم فعل مضارع صالح لفعل الشرط فمقتضاه أن لا


٢٧٠ - التخريج: البيت لربيعة بن مقروم في (خزانة الأدب ١٠/ ٢٦، ٢٨، ٢٩؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٤٤؛ وشرح شواهد المغني ص ٤٤٦).

اللغة: ذو لهب صاحب حقد كأن اللهب في قلبه. اللظى: النار.

المعنى: ربما تأكلت قلب حاسد نيران الغيظ، حتى بعد موتي، فهو شديد الحقد علي، وقلبه ينفث ناراً لشدة غيظه وحقده.