حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه

صفحة 450 - الجزء 1

  وقد مر أن «إذا» الفجائية قد تنوب عن الفاء نحو: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ٣٦}⁣[الروم: ٣٦]، وأن الفاء قد تحذف للضرورة كقوله [من البسيط]

  مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَات اللَّهُ يَشْكُرُهَا ... [وانشَّرُّ بِالشَّرْ عِندَ اللَّهِ مِثْلَانِ]

  وعن المبرّد أنه منع ذلك حتى في الشعر، وزعم أن الرواية:

  مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ فَالرَّحْمَنُ يَشكرُهُ

  وعن الأخفش أن ذلك واقع في النثر الفصيح، وأن منه قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ}⁣[البقرة: ١٨٠] وتقدم تأويله.

  وقال ابن مالك: يجوز في النثر نادراً، ومنه حديث اللقطة: «فإنْ جاءَ صاحِبُها وإلا اسْتَمْتع بها».

  تنبيه - كما تربط الفاء الجواب بشرطه كذلك تربط شبة الجواب بشبه الشرط،


  يقرن بالفاء، وأجاب بأنه خبر لمحذوف بدليل رفعه قوله: (إن إذا الفجائية قد تنوب الخ) قال أبو حيان السماع بعد إن وبعد إذا أو ربما جمع بين الفاء وإذا توكيداً كما في آية {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ}⁣[الأنبياء: ٩٦] الآية قوله: (قد تنوب) أي: وقد يجتمعان كما في قوله {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ}⁣[الأنبياء: ٩٧] فتجعل إذا توكيداً للفاء في الربط نص على ذلك الزمخشري. قوله: (قد تحذف في الضرورة) أي: ولا تحذف في النثر أصلاً. قوله: (وزعم الخ) أي: وله أن يجيب بأن قوله الله يشكرها من باب الاشتغال والأصل يشكرها الله يشكرها.

  قوله: (ان ذلك واقع في النثر الفصيح) أي: فهو عنده جائز مطلقاً نظماً ونثراً. قوله: (الوصية للوالدين) أي: فالوصية جواب الشرط وليس مقروناً بالفاء. قوله: (وتقدم تأويله) أي: بأن قوله فالوصية للوالدين نائب فاعل كتب عليكم إذا حضر، وجواب الشرط محذوف أي كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت الوصية للوالدين إن ترك خيراً فليوص. قوله: (وقال ابن مالك) هو قول رابع ويحتمل رده للأول بأن يقال قوله: يحذف في الضرورة، أي وفي النثر نادراً قوله: (حديث اللقطة) أي: المال الملتقط. قوله: (ولا استمتع بها) فاستمتع جواب الشرط وهو المدغم في إلا أي: وإن لا يأتي صاحبها فاستمتع بها، قال ابن مالك تضمنت هذه الرواية حذف جواب إن الأولى وحذف شرط إن الثانية وحذف الفاء من جوابها، أي: فإن جاء صاحبها أخذها وإن لا يجيء فاستمتع بها اهـ. قلت: الأحسن أن يكون التقدير، فإن جاء صاحبها فادفعها إليه ليناسب الجزاء الثاني اهـ دماميني. قوله: (بشرطه) أي: بفعل الشرط. قوله: (شبه الجواب) أي: وهو خبر المبتدأ ومشابهته للجواب من حيث أن الجواب معلق على الشرط والخبر معلق على