حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفاء المفردة

صفحة 453 - الجزء 1

  وحَمَل عليه الزَّجاج {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ}⁣[ص: ٥٧]، والنهي نحو: «زيد فلا تَضْرِبُه» وقال ابن برهان: تزاد الفاء عند أصحابنا جميعاً كقوله [من الكامل]:

  ٢٧٣ - [لا تجزعي إن مُنْفِسٌ أَهْلَكْتُهُ] ... فَإِذَا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَأَجْزَعِي

  انتهى. وتأول المانعون قوله: «خولان فانكح» على أن التقدير: هذه خولان، وقوله: «أنت فانظر» على أن التقدير: انظر فانظر، ثم حذف «انظر» الأول وخده فبرز ضميره فقيل: أنت فانظر؛ والبيت الثالث، ضرورة، وأما الآية فالخَبَرُ


  قوله: (هذا) مبتدأ وفليذوقوه خبر والفاء صلة وهذا كله على مذهب الفراء. قوله: (عند أصحابنا) أو البصرين؛ لأنه منهم أي سواء كان في الخبر أو غيره بدليل التمثيل. قوله: (جميعاً) أي ما عدا سيبويه قوله: (وإذا هلكت) أوله:

  لا تجزعي إن منفساً أهلكته

  وإذا هلكت الخ والشاهد في الفاء الثانية، وأما الأولى فهي فاء جواب إذا وإنما كانت الزائدة الثانية لا الأولى؛ لأن الثانية لو كانت رابطة للجواب لزم: تقدما في حيز فاء الجزاء وهو باطل؛ لأن الظرف من قوله فعند ذلك معمول للفعل في قوله: فاجزعي فلو جعلنا فاء الجواب هي الداخلة على عند والزائدة هي الداخلة على اجزعي أتى المحذوف. قوله: (وتأول المانعون) أي: كسيبويه قوله: (هذه خولان) أي: فخولان خبر لمبتدأ محذوف لا أنه مبتدأ أو حينئذ، فالفاء الداخلة على قوله فانكح للسببية المحضة أي: ليست للعطف وإلا لزم عطف الإنشاء على الخبر أي: هذه خولان المعروفة بالصفات الجميلة فسبب ذلك انكح الخ ويحتمل أن خولان مبتدأ حذف خبره، أي: خولان حاضرة. قوله: (فقيل أنت) أي: فأنت فاعل لمحذوف، والفاء في قوله، فانظر عاطفة وهي للتعقيب، أي: انظر نظراً بعد نظر فهو من باب التأسيس لا التأكيد.


٢٧٣ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في (ديوانه. ص ٧٢؛ وتخليص الشواهد ص ٤٩٩؛ وخزانة الأدب ١/ ٣١٤، ٣٢١، ١١/ ٣٦؛ وسمط اللآلي ص ٤٦٨؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٦٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٧٢، ٢/ ٨٢٩؛ وشرح المفصل ٢/ ٣٨؛ والكتاب ١/ ١٣٤؛ ولسان العرب ٦/ ٢٣٨ (نفس)، ١١/ ٢١١ (خلل)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٣٥؛ وبلا نسبة في الأزهية ص ٢٤٨؛ والأشباه والنظائر ٢/ ١٥١؛ والجنى الداني ص ٧٢؛ وجواهر الأدب ص ٦٧؛ وخزانة الأدب ٣/ ٣٢، ٩/ ٤١، ٤٣، ٤٤؛ والردّ على النحاة. ص ١١٤؛ وشرح الأشموني ١/ ١٨٨؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٦٤؛ ولسان العرب ٤/ ٦٠٤ (عمر)؛ والمقتضب ٢/ ٧٦).

اللغة: شرح المفردات: لا تجزعي: لا تخافي. المنفس: هنا المال الكثير. أهلكته: أنفقته. هلكت: متٌ.

المعنى: يخاطب الشاعر زوجته بقوله: لا تخافي على إنفاقي المال وتبذيره، فإنني ما دمت حياً لن تحتاجي إلى شيء، وإذا مت فعند ذلك اجزعي! لأنك لن تجدي من بعدي مَنْ يؤمن لك حاجاتك.