حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (قد) على وجهين

صفحة 467 - الجزء 1

  ويحتمل أنها اسم فعل لم يذكر مَفْعُولُه فالياء للإطلاق، والكسرة للساكنينه.

  وأما الحرفية فمُختصّة بالفعل المتصرف الخبري المُثْبَتِ المجرَّد من جازم وناصب وحرفِ تنفيس، وهي معه كالجزء؛ فلا تُفْصل منه بشيء، اللهم إلا بالقسم كقوله [من الطويل]:

  ٢٨٤ - أَخَالِدُ قَدْ واللَّهِ أَوْطَأتَ عَشْوَةً، ... وَمَا قَائِلُ الْمَعْرُوفِ فِينَا يُعَنَّفُ

  وقول آخر [من الوافر]:

  ٢٨٥ - فقد واللهِ بَيْنَ لي عَنَائِي ... بَوَشْكِ فِرَاقِهِمْ صُرَدٌ يَصِيحُ


  حذف النون للضرورة، ويحتمل ان الحذف كما قال الرضى ان اسماء الأفعال يجوز ان لا تلحقها النون؛ لأنها ليست كالأفعال قوله: (فالياء للإطلاق) اعلم ان حرف الإطلاق إنما يأتي بعد حركة الروي فالحركة موجودة قبل الياء فقوله والكسرة للساكنين لا يسلم؛ لأن السكون لا يجامع الياء، فالأحسن أن المبني قد يكسر، ثم أتى بالياء وأجاب بعض بأن المراد بالساكنين التنوين والياء؛ لأن اسم الفعل قد ينون ثم حذف التنوين، وأتى بحرف الإطلاق وهو مسلم إن ثبت تنوينه سماعي. قوله: (المنصرف) أي: لا الجامد كعسى وقوله: الخبري أي: لا الإنشائي كافعل وقوله: المثبت أي لا المنفي قوله: (إلا بالقسم) بدلاً من قوله بشيء وقوله: اللهم اعتراض إشارة لقلة ذلك. قوله: (أخالد) أي: يا خالد، وقوله: عشوة مثلت العين وقوله: أوطأت عشوة، أي: ارتكبت أمراً على خلاف الصواب. قوله: (يعنف) التعنيف التعبير واللوم وأنشد ابن أم قاسم تمامه:

  وما العاشق المظلوم فينا بسارق

  قوله: (بين) لي أي: أظهر لي والعناء التعب والنصب. قوله: (بوشك) معناه:


٢٨٤ - التخريج: البيت ملفق من بيتين أولهما للفرزدق، وهو قوله:

وما حل من حلم حُبَى حلمائنا ... ولا قائل المعروف فينا يعنف

وثانيهما لأخي يزيد بن عبد الله البجلي، وهو قوله:

أخالد قد والله وطنت عشوة ... وما العاشق المسكين فينا بسارق

وهو لأخي يزيد بن عبد الله البجلي في (شرح شواهد المغني ص ٤٨٨؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٧٦؛ والجنى الداني ص ٢٦٠؛ وشرح شواهد المغني ص ٨٢٠؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٤٨، ٢/ ٧٣؛ ويروى الأول: «بسارق» مكان «يُعنَّف»، وهو بهذه الرواية، لأخي يزيد بن عبد الله البجلي كما في شرح شواهد المغني ص ٤٨٨).

المعنى: لقد جعلت الناس كمن يمشي في الظلام، ونحن لا نشتم فاعلي الخير، ولا قائلي الصواب؛ فقائل الحق لا يشتم.

٢٨٥ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الخصائص ١/ ٣٣٠، ٢/ ٣٩٠؛ ورصف المباني ص ٣٩٣؛ وشرح شواهد المغني ص ٤٩٨).