حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (كي) على ثلاثة أوجه:

صفحة 498 - الجزء 1

  وقيل: «ما» كافة، وعلى «أن» المصدرية مضمرة نحو: «جِئْتُكَ كي تُكْرِمَني» إذا قدرت النَّصْب بـ «أَنْ».

  الثالث: أن تكون بمنزلة «أن» المصدرية معنى وعملاً، وذلك في نحو: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا}⁣[الحديد: ٢٣] ويؤيده صحة حلول «أن» محلها، ولأنها لو كانت حرف تعليل لم يدخل عليها حرف تعليل، ومن ذلك: «جِئْتُكَ كي تكرمني»، وقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً}⁣[الحشر: ٧] إذا قدرت اللام قبلها، فإن لم تقدر فهي تعليلية جارة، ويجب حينئذ إضمارُ «أن» بعدها. ومثله في الاحتمالين قوله [من الطويل]:

  ٣٠٣ - أَرَدْتَ لِكَيْمَا أَنْ تَطِيرَ بِقِرْبَتِي ... [فَتَتْرُكَهَا شَنَّا بِبَيْدَاءَ بَلْقَعِ]


  قوله: (ما كافة) أي: لعمل كي الجر والصحيح إنها مصدرية لأننا لا نحتاج للكافة إلا في الداخلة على الاسمية بناءً على أن المصدرية لا تدخل على الجملة الاسمية وهو الحق. قوله: (مضمرة) أي: حال كون أن المصدرية مضمرة قوله: (جئتك) فعل وفاعل وكي تكرمني كي حرف تعليل وجر وتكرمني فعل مضارع منصوب بأن مضمرة، وأن والفعل في تأويل مصدر مجرور بكي. قوله: (تكرمني) منصوب بأن مضمرة والمصدر المؤول مجرور بكي.

  قوله: (إذا قدرت النصب بأن) أي: وأما لو جعلت كي هي الناصبة فتقدر اللام كما يأتي فهذا المثال محتمل للوجهين قوله: (ويؤيده) أي: يؤكد كونها بمنزلة أن معنى وعملاً حلول أن فتقول أن تأسوا. قوله: (لم يدخل عليها حرف تعليل) أي: وهو اللام أي: والحرف لا يدخل على الحرف في الفصيح. قوله: (ومثلة في الاحتمالين) أي: أنه تقدم إذا دخلت كي على الفعل بدون أن ولم يسبقها اللام فيه احتمالان وكذلك الاحتمالان إذا وجدت اللام قبلها، وأن بعدها فالحاصل أن هذين الاحتمالين فيما إذا فقدت اللام، وأن وفيما إذا وجدتا ولا يكون إلا ضرورة؛ لأن أن تحذف وجوباً بعد كي، وأما إذا تقدمت اللام تعين لهم مصدريته. قوله: (أن تطير الخ) تمامه:

  فتنزلها شنا ببيداء بلقع

  قوله: (أن تطير) أي: تذهب بسرعة، فاستعار الطيران للذهاب بسرعة والقربة وعاء


٣٠٣ - التخريج: البيت بلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٥٨٠؛ والجنى الداني ٢٦٥؛ وجواهر الأدب ٢٣٢؛ وخزانة الأدب ١/ ١٦، ٨/ ٤٨١، ٤٨٤، ٤٨٥، ٤٨٦، ٤٨٧؛ ورصف المباني ٢١٦، ٣١٦؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٤٩؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٣١؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٥٠٨؛ وشرح المفصل ٩/ ١٦، ٧/ ١٩؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٠٥).

شرح المفردات القربة: جلد ماعز أو نحوه يتخذ للماء. شناً: القربة البالية. البلقع: الخالي.

المعنى: يقول: لقد ذهبت بقربتي بعيداً وتركتها ممزقة بالية في صحراء خالية من الناس.