حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (كلا) مركبة عند ثعلب من كاف التشبيه ولا النافية

صفحة 515 - الجزء 1

  وإذا صَلَحَ الموضع للردع ولغيره جاز الوقف عليها والابتداء بها على اختلاف التقديرين، والأرْجَحُ حَمْلُها على الردع لأنه الغالب فيها، وذلك نحو: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ٧٨ كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}⁣[مريم: ٧٨ - ٧٩]، {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ٨١ كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ}⁣[مريم: ٨١ - ٨٢].

  وقد تعين للردع أو الاستفتاح، نحو: {رَبِّ ارْجِعُونِ ٩٩ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ}⁣[المؤمنون: ١٠٠]، لأنها لو كانت بمعنى «حقا» لما كُسرت همزة «إنَّ»، ولو كانت بمعنى «نَعَمْ» لكانت للوعد بالرجوع لأنها بعد الطلب، كما يقال: «أكرم فلاناً»، فتقول: «نعم»، ونحو: {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ٦١ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ٦٢}⁣[الشعراء: ٦١ - ٦٢]، وذلك لكسر «إن»، ولأن «نعم» بعد الخبر للتصديق.


  مشابها كلا الاسمية لكلا الحرفية لفظاً ومعنى من حيث إن من ردع شخصاً عن شيء فهو متحقق لضد ذلك الشيء فهناك مناسبة في المعنى قوله: (وإلا فلم لا نونت) قال الدماميني أدخل المصنف لا على الفعل الماضي لفظاً ومعنى لأن المراد فلم لا نونتها العرب بتنوين التمكين مع عدم تكرارها وهو شاذ، وقد يقال المراد فلم لا تنون أي في المستقبل تنويناً جارياً على قواعد العربية فلا يكون معنى فلا يجب تكرار لا اهـ شمني. قوله: (جاز الوقف عليها) أي: على احتمال أنها للردع أي أو على ما قبلها وقوله: والابتداء بها أي على احتمال أنها بمعنى إلا الاستفتاحية أو غيره. قوله: (وذلك) أي: والموضع الذي تكون فيها للردع وغيره نحو أطلع الخ. قوله: (وقد تتعين للردع) الفعل ضمير عائد على كلا وأنث باعتبار الكلمة قوله: (أو الاستفتاح) أي: ولا يكون بمعنى حقاً ولا بمعنى نعم، بل لا يجوز فيها إلا أحد هذين الأمرين إما الاستفتاح أو الردع. قوله: (كلا) يحتمل أن تكون للردع أي انته وانزجر عن قولك أرجعون أي انته عن طلب الرجوع وحينئذ فتقف على ما قبلها وتبدأ بها. قوله: (لأنها) علة لكونه لا يصح هنا نعم ولاحقاً.

  قوله: (لما كسرت همزة إن) لأن لا تكسر همزتها بعد حقاً ولا بعد ما بمعناها. قوله: (لما كسرت) أي: مع إنها كسرت فتعين أن لا تكون بمعنى حقاً. قوله: (لكانت للوعد بالرجوع) أي لأن نعم تفيد الوعد لأنه لو قيل لك أعط كذا غداً وقلت نعم فقد وعدت بإعطاء لذلك الشيء غداً أي والوعد هنا بالرجوع لا يصح لأن المولى لا يرجعهم للدنيا في يوم القيام حتى إنه يعدهم بالرجوع فبطل كونها بمعنى نعم. قوله: (لأنها بعد الطلب) أي: تفيد الوعد قوله: (فتقول نعم) أي: فمعناه أكرمه. قوله: (إن معي ربي) هي للردع عن قولهم إنا لمدركون أو إنها للاستفتاح فعلى الردع تقف أي فمعناه على كلا وعلى الاستفتاح تبدأ بها قوله: (وذلك لكسر إن) أي: إنما لم تكن بمعنى حقاً لكسر إن