تنبيه - قرئ {كلا سيكفرون بعبادتهم}
  وقد يمتنع كونها للزجر، نحو: {وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ٣١ كَلَّا وَالْقَمَرِ ٣٢}[المدثر: ٣١ - ٣٢] إذ ليس قبلها ما يصح رده.
  وقولُ الطبري وجماعة إنَّه لما نزل في عَدَد خَزَنة جهنم: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ٣٠}[المدثر: ٣٠] قال بعضهم: اكْفُوني اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر؛ فنزل {كَلَّا} زجراً له قولُ متعسّف؛ لأن الآية لم تتضمّن ذلك.
  ***
  تنبيه - قُرئ {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ}[مريم: ٨٢] بالتنوين، إما على أنه مصدر «كَلَّ» إذا أعْيا، أي: كلُوا في دعواهم وانقطعوا أو من «الكلّ» وهو الثقل، أي: حملوا كلاً؛ وجوز الزمخشري كونَه حرف الردع ونُوِّنَ كما في {سَلَاسِلَ}[الإنسان: ٤]؛
  ولو كانت بمعنى حقاً لفتح إن، وإنما لم تكن بمعنى نعم لأن نعم الخبر للتصديق وهنا لا يصح للتصديق لأنه ينخل المعنى أنتم مدركون وليس هذا مراداً. قوله: (إذ ليس قبلها الخ) فيه إنه إن لم يكن قبلها ما يصح رده فبعدها ما يمكن الرد على إنكاره وهو قوله إنها لإحدى الكبر وقد جوز الزمخشري ذلك فقال يجوز أن يكون ردعاً لمن ينكر أن يكون أحد الكبر وعلم إن الردع لا يجب أن يكون باعتبار ما قبلها بل يجوز تعلقه بما بعدها اهـ دماميني. قوله: (قال بعضهم) أي: حتى تكون للزجر لأن يجب أن يكون قبلها ما يصح رده ويرد جره عليه قوله: (قال بعضهم) هو عمرو بن هشام أبو جهل. قوله: (متعسف) أي: فيه وهو خبر عن قوله وقول الطبري قوله: (لأن الآية لم تتضمن ذلك) أي: لم تذكر فيها تلك الواقعة التي هي سبب النزول والتي للردع لا بد أن يتقدمها صراحة ما يصح رده وهذا بناء على أن المراد بكونها للردع أي عما قبلها ولم لا يقال إنها للردع عما قبلها أو عما بعدها أو عما عهد من المخاطب، وإن لم يتضمنه الكلام على أن أسباب النزول تعتبر، وإن لم يتضمنها الكلام قوله قوله: (كلوا في دعواهم) الأولى أي كلوا كلاً في دعواهم إن الأصنام التي اتخذوها آمن دون الله تكون لهم عزا أي شفيعاً من العذاب. قوله: (أو من الكل) عطف على قوله إما على إنه مصدر.
  قوله: (وجوز الزمخشري) اعلم أن الزمخشري جوز في كشافه في سلاسلاً أن يكون نون بدلاً عن ألف الإطلاق إجزاء للوصل مجرى الوقف وأن يكون تنوينه جرياً على لغة من يصرف ما لا ينصرف ولا يخفي بشاعة هذين الوجهين في كلا الله إذ ألف الإطلاق خاصة بالشعر فلا تجوز في الكلام فضلاً عن القرآن؛ ولأن صرف الممنوع من الصرف لغة ضعيفة فلا يخرج القرآن عليها. قوله: (ونون كما في سلاسلا) هذا نقل لعبارة الزمخشري بالمعنى وإلا فالزمخشري قال ونون كما في قوارير أو لما كان سلاسيل يقال فيه ما قيل في قوارير صح ذلك. قوله: (ونون) أي: كلاً كما في سلاسلاً والمناسب أن يقول كما في قوارير فقلب ألفها تنويناً وأثبته في الوصل بنية الوقف قوله: (كما في سلاسلا) أي: