حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - قرئ {كلا سيكفرون بعبادتهم}

صفحة 517 - الجزء 1

  ورده أبو حيان بأن ذلك إنما صَحَّ في {سَلَاسِلَ} لأنه اسم أصله التنوين فَرُجِعَ به إلى أصله للتناسب، أو على لغة مَنْ يصرف ما لا ينصرف مطلقاً، أو بشرط كونه «مفاعل» أو «مفاعيل»، اهـ.

  وليس التوجيه منحصراً عند الزمخشري في ذلك، بل جوز كون التنوين بدلاً من حرف الإطلاق المزيد في رأس الآية، ثم إنه وَصَلَ بنيّة الوقف، وجزم بهذا الوجه في {قَوَارِيرَا ١٥}⁣[الإنسان: ١٦] وفي قراءة بعضهم {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ٤}⁣[الفجر: ٤] بالتنوين، وهذه القراءة مُصَحَّحَةٌ لتأويله في «كلا»، إذ الفعل ليس أصله التنوين.


  كالتنوين في سلاسلاً قوله (ورده) أي رد ذلك القياس قوله: (لتناسب) أي: لتناسبه لقوله وأغلالاً وسعيراً قوله: (أو على لغة الخ) أي: أو للبناء على لغة الخ. قوله: (لأنه اسم أصله التنوين) أي: وكلا حرف يدخله تنوين فكيف يقاس الحرف على اسم. قوله: (أو على لغة من يصرف الخ) عطف على قوله لأنه اسم الخ. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كان المنع من الصرف لصيغة منتهى الجموع أو لغيرها أي وكلا ليس فيها ما يقضي منع الصرف لأنها حرف قوله: (وليس التوجيه الخ) رد على ما قاله أبو حيان وحاصل الرد أن توجيه التنوين في سلاسل لا ينحصر فيما عده الزمخشري فيما قاله أبو حيان من إنه للتناسب أو إنه على لغة من يصرف الممنوع من الصرف بل الأول لم يعرج عليه الزمخشري وعرج على الوجه الثاني وزاد وجهاً آخر في سلاسل لم يذكره أبو حيان يتأتى في كلا ويصح به شبهها بسلاسلاً وهو كون التنوين عوضاً عن حرف الإطلاق وهو المسمى بتنوين الترنم.

  قوله: (من حرف الإطلاق) أي: وهو متأت في الاسم والفعل والحرف فصح ما قال من أن كلا تنوينها كتنوين سلاسل فإن قلت الألف في كلا أصلية وهي لا تعامل معاملة ألف الإطلاق من إبدالها نوناً قلت لعله يتكلف حذف الأصلية وطر حروف الإطلاق وقد يجاب عن أبي حيان بأنه لم يراع هذا الوجه أعني كون هذا التنوين للترنم بدلاً عن حرف الإطلاق لكونه لا يخلو عن شيء لأنه غالب في الشعر فلا يخرج القرآن عليه وحينئذ فلا يصح ما قاله الزمخشري من القياس وحينئذ فالأولى أن يكون كلا مصدر كل إذا عيا وثقل فهو اسم معرب تنوينه للتمكين قوله: (المزيد) أي من إشباع الحركة فإذا أشبعت الفتحة تولدت ألف فأصل سلا سلاسل، ثم إنه أشبعت الفتحة في اللام فصار سلاسلاً ثم قلبت الألف نوناً وإذا أشبعت الكسرة تولدت ياء كما في وكأن قدي فالأصل وكان قد، ثم أشبعت الكسرة فصار قدي، ثم قلبت تلك الياء نوناً فصار قدن اهـ تقرير دردير. قوله: (إنه) أي: القارئ وصل بنية الوقف أي لأن إبدال الإطلاق نوناً إنما يكون في الوقف للتغني بالغنة. قوله: (وفي قراءة بعضهم) أي: وجزم بهذا الوجه في قراءة بعضهم. قوله: (وهذه القراءة) أي: قراءة بعضهم إذا يسر بالتنوين.