فصل
  ولا يجب أن يكون منه قول علي ¥ [من الطويل]:
  ٣١٩ - فَلَمَّا تَبَيَّنَا الهُدَى كانَ كُلْنَا ... عَلَى طَاعَةِ الرَّحْمَنِ وَالْحَقِّ وَالثّقَى
  بل الأولى تقدير «كان» شأنيَّة.
  واعلم أن لفظ «كل» حكمُهُ الإِفراد والتذكير، وأن معناها بحسب ما تضاف إليه، فإن كانت مضافة إلى منكر وجب مراعاة معناها؛ فلذلك جاء الضمير مفرداً ومذكراً في نحو: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ٥٢}[القمر: ٥٢]، {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ}[الإسراء: ١٣]،
  يميد إذا مات عليه دلاؤهم
  فيصدر عنه أي عن الماء، وقوله: يميد أي يتحرك وقوله: مادت أي تحركت، وقوله: عليه أي المنهل أي الماء والدلاء الآلات التي ينزح بها الماء من البئر الكائنة من الجلد اهـ وكان الشاعر يصف منهلاً أي ماء أي إنه يضطرب ويتحرك ذلك الماء إذا تحركت عليه الدلاء فيصدر عنه أي عن ذلك الماء، وضمير كلها للدلاء وهو ناهل أي ريان والناهل من أسماء الأضداد يطلق على الريان وعلى العطشان. قوله: (ولا يجب أن يكون منه) أي: من القليل بل يحتمل أن كل اسم كان ويحتمل أن كل مبتدأ وكان شأنية، وقوله: بل الأولى أضرب على قوله ولا يجب الخ الصادق باستواء الأمرين. قوله: (فلما تبينا) أي: علمناه علماً بيناً قوله: (والتقى) هو في عرف الشرع فعل لحسنات وترك السيآت وقد يراد بالتقوى اجتناب المعاصي سواء أتى بالحسنات أو لا.
فصل
  قوله: (وجب مراعاة معناها) أي: فإن كان المضاف إليه مذكراً فمعناها مذكراً أو مؤنثاً فمعناها كذلك، وإن كان مفرداً فهي كذلك، وإن كان مثنى فهي كذلك، أو جمعاً فهي كذلك، فقوله: وجب مراعاة معناها أي مع إفراد أو جمع أو تثنية أو تأنيث أو تذكير. قوله: (فلذلك) أي: لأجل وجوب مراعاة المعنى جاء الضمير مفرداً مذكراً أي لأن المضاف إليه مفرد مذكر وثمرة التفريع في المعطوف بعد وإلا فهنا اتفق فيه حكم اللفظ والمعنى.
= المعنى: يصف ماء بئر بأنّها تتحرك عندما تتحرك الدلاء نزولاً وصعوداً، ويملأها جميعها فكأنها ريانة منه.
٣١٩ - التخريج: البيت للإمام علي بن أبي طالب في (ديوانه ص ١١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٢١).
اللغة: الهدى: الحق والرشاد.
المعنى: فعندما عرفنا الحق والصواب اتبعناه، وكنا جميعاً خاضعين لربّ العالمين الرحمن الرحيم، متبعين لدينه القويم، متقين من عذابه العظيم.