قوله: (وجب مراعاة معناها)
  وليس بمتعين لجواز كون «يرقبان» خبراً عن المنية والحتوف، ويكون ما بينهما إما خبراً أول أو اعتراضاً ثم الصواب في إنشاده «كلاهُمَا يُوفي المخارم»؛ إذ لا يقال إن المنية توفي نفسها.
  وقد سئلت قديماً عن قول القائل: «زيد وعمرو كلاهما قائم، أو كلاهما قائمان» أيهما الصواب؟ فكتبت: إن قدر كلاهما توكيداً قيل: «قائمان»، لأنه خبر عن «زيد» و «عمرو»؛ وإن قدر مبتدأ فالوجهان، والمختار الإفراد؛ وعلى هذا فإذا قيل: «إنَّ زيداً وعَمْراً» فإن قيل «كليهما» قيل: «قائمان» أو «كلاهما» فالوجهان؛ ويتعين مراعاة اللفظ في نحو: «كلاهما محب لصاحبه» لأن معناه كل منهما. وقوله [من الطويل]:
  ٣٣٨ - كِلانَا غَنِيٌّ عَنْ أَخِيهِ حَيَاتِهُ ... وَنَحْنُ إِذَا مِتْنَا أَشَدُّ تَغَانِيَا.
  · (كيف): ويقال فيه «كَيْ» كما يقال في «سَوْف»: «سَوْ»، قال [من البسيط]:
  كَيْ تَجْنَحُونَ إِلى سِلْم وَمَا تُئرَتْ ... قَتْلاكمُ وَلَظَى الْهَيْجَاءِ تَضْطَرِمُ؟
  أسباب الموت. قوله: (كلاهما) مبتدأ وقوله يوفي خبره وهذه الجملة خبر إن، وقوله: المنية اسمها والشاهد في قوله يوفي المنية فإنه لاحظ فيه اللفظ وقوله: يرقبان لاحظ فيه المعنى، وقوله: سوادي أي شخصي قوله: (ليس بمتعين الخ) قد يقال المثال يكفي فيه الاحتمال. قوله: (ويكون ما بينهما) أي: وهو كلاهما يوفي المنية. قوله: (إما خبر أول) أي: والخبر الثاني يرقبان. قوله: (يوفي المخارم) جمع مخرم بكسر الراء وهي أفواه الفجاج والإيفاء الإشراف والمعنى يقفان على الطريق يرقبان سوادي أي شخصي. قوله: (توفي نفسها) أي: لأن حاصل البيت إن كلا من الحتوف والمنية يوفي المنية فكأنه قيل إن المنية توفي نفسها والحتوف أي أسباب الموت توفي المنية والشاهد في الأول. قوله: (والمختار الإفراد) أي: مراعاة للفظ قوله: (فالوجهان) أي: مراعاة اللفظ فتفرد ومراعاة المعنى فتثنى. قوله: (لأن معناه كل منهما) أي: فاللفظ مفرد والمعنى كذلك فيتعين الإفراد قوله: (كلانا) أي: كل منا فالمعنى مفرد وكذا اللفظ فيتعين الإفراد.
  كيف قوله: (كي تجنحون) أي: كيف بدليل إن الفعل بعدها مرفوع بثبوت النون،
= اللغة: المنية والحتف الموت. السواد الشخص.
المعنى: تعددت الأسباب والموت واحد، فإن تموت في فراشك، أو تموت ميتة أخرى، كلاهما معادل للموت، هذه الميتات تترقب شخصي بلا انقطاع.
٣٣٨ - التخريج البيت للأبيرد الرياحي في (الأغاني ١٣/ ١٢٧؛ ولعبد الله بن معاوية بن جعفر في الحماسة الشجرية ١/ ٢٥٣؛ وللمغيرة بن حبناء التيمي في الدرر ٥/ ٢٤؛ ولسان العرب ١٥/ ١٣٧ (غنا)؛ ولعبد الله بن معاوية أو للأبيرد الرياحي في شرح شواهد المغني ٢/ ٥٥٥؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى ١/ ٣١؛ وتخليص الشواهد ص ٦٥؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣١٦؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥٠).